وهذا بيان لما هو وظيفة ﷺ في هذا الباب، إثر بيان ما هو وظيفة المؤمنين، وأن الإذن منه - عليه الصلاة والسلام - ليس بأمر محتوم، بل هو مفوّض إلى رأيه عليه الصلاة والسلام، وفيه مِنْ رَفْع شأنه ﷺ ما لا يخفى. والفاء : لترتيب ما بعدها على ما قبلها، أي : بعدما تحقق أن الكاملين في الإيمان هو المستأذِنُون.
١٠٣
﴿فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فَأْذَنْ لمن شئتَ منهم واستغفر لهم الله﴾، فإن الاستئذان، وإن كان لعذر، فقد لا يخلو من شائبة تقديم أمر الدنيا على أمر الآخرة، ففيه دليل على أن الصبر وترك الاستئذان أفضل. ﴿إن الله غفور رحيم﴾ ؛ مبالغ في غفران فَرَطَاتِ العِبَاد، وفيه إفاضة آثار الرحمة عليهم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٠٣
وما ذكره الحق تعالى في شأن الصحابة مع الرسول - عليه الصلاة والسلام - في شأن الاستئذان ينبغي أن يكون كذلك مع أئمتهم ومقدّميهم في العلم والدين، لا يتفرقون عنهم إلا بإذن. والآية نزلت في الخندق، كان المنافقون يرجعون إلى منازلهم من غير استئذان، فنزلت. وبقي حكمها عاماً إلى يوم القيامة. والله تعالى أعلم.