يقول الحق جل جلاله :﴿و﴾ اذكر ﴿يوم تشَقَّقُ﴾ أي : تنفتح، فمن قرأ بالتخفيف : حذف إحدى التاءين، وأصله : تتشقق. ومن شد : أدغم التاء في الشين، أي : تنشق ﴿السماءُ بالغمام﴾ أي : عن الغمام، فتنزل ملائكة السموات في تلك الغمام ؛ ليقع الفصل بين الخلائق، وهو المراد بقوله تعالى :﴿هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْملاَئِكَةُ﴾ [البقرة : ٦٥]. قيل : هو غمام أبيض رقيق مثل الضبابة، ولم يكن إلا لبني إسرائيل في تيههم.
﴿ونُزِّلَ الملائكةُ تنزيلاً﴾ عجيباً غير معهود. رُوي أن السموات تنشق سماءً سماءً، وتنزل ملائكة كل سماء في ذلك الغمام، وفي أيديها صحائف أعمال العباد، فيفصل الله بين خلقه، ولذلك قال :﴿الملكُ يومئذٍ الحقُّ للرحمن﴾ أي : السلطنة القاهرة، والاستيلاء العام، الثابت ؛ الذي لا زوال له أصلاً، هو للرحمن وحده ؛ لأن كل ملْك يزول يومئذٍ، ولا يبقى إلا ملكه.