١٣٠
أي : هيأنا ﴿عذاباً أليماً﴾، أي : النار المؤبدة عليهم.
﴿و﴾ دمرنا أيضاً ﴿عاداً وثموداً﴾، وقد تقدم في الأعراف، وهو كيفية تدميرهم. ﴿وأصحابَ الرَّسّ﴾، هم قوم شعيب ؛ قال ابن عباس : أصحاب الرسّ : أصحاب البئر. قال وهب : كانوا أهل بئر، قعوداً عليها، وأصحابَ مواشي، وكانوا يعبدون الأصنام، فأرسل الله إليهم شعيباً، فآذوه، وتمادوا في طغيانهم فبينما هم حول البئر - والبئر في وسط منازلهم - انهارت بهم وبديارهم، فهلكوا جميعاً. وقال قتادة : الرسُّ : قرية بفَلْح اليمامة، قتلوا نبيّهم فأهلكهم الله. وقيل : هم بقية قوم هود وقوم صالح، وهو أصحاب البئر، التي قال :﴿وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ﴾ [الحج : ٤٥].
وقال سعيد بن جبير وغيره : قوم كان لهم نبي، يقال له : حنظلة بن صفوان، وكان بأرضهم جبل، يقال له : فتخ، مَصْعَدُه في السماء ميل، وكانت العنقاء تنتابه، وهي كأعظم ما يكون من الطير، وفيها من كل لون - وسموها العنقاء ؛ لطول عنقها - وكانت تنقض على الطير فتأكلها، فجاعت ذات يوم، فانقضت على صبي فذهبت به، - وسميت عنقاء مغرب ؛ لأنها تُغّرِّبُ ما تأكله عن أهله فتأكله - ثم انقضت على جارية قد ترعرعت، فأخذتها فطارت بها، فشكوا إلى نبيهم، فقال : اللهم خذها واقطع نسلها، فأصابتها صاعقة، فاحترقت، فلم يُر لها أثر، فصارت مثلاً عند العرب. ثم إنهم قتلوا نبيهم فأهلكم الله. وقال مقاتل والسدي : هم أصحاب بئر إنطاكية، وتسمى الرس، قتلوا فيها حبيباً النجار، فنُسبوا إليها، وهم الذين ذُكروا في (يس). وقيل هم أصحاب الأخدود الذين حفروه، والرسُّ في كلام العرب : كل محفور ؛ مثل البئر، والقبر، والمعدن، وغير ذلك، وجمعها : رساس. وقال عكرمة : هم قوم رسّوا نبيهم في بئر.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٣٠


الصفحة التالية
Icon