﴿إن كاد لَيُضلُّنا عن آلهتنا﴾ أي ليصرفنا عن عبادتها صرفاً كلياً، والعدول إلى الإضلال ؛ لغاية ضلالتهم بادعاء أن عبادتها طريق سَوي. ﴿لولا أن صبرنا عليها﴾ لصرفنا عنها، وهو دليل على مجاهدة الرسول ﷺ في دعوتهم، وإظهار المعجزات لهم، حتى شارفوا أن يتركوا دينهم إلى دين الإسلام، لولا فرط لجاجهم وتقليدهم. قال تعالى :﴿وسوف يعلمون حين يَرَوْن العذابَ﴾ الذي يستوجبه كفرهم وعنادهم، ﴿من أضلُّ سبيلاً﴾، وأخطأ طريقاً. وفيه ما لا يخفى من الوعيد والتنبيه على أنه تعالى يُمهل ولا يهمل.
﴿أرأيتَ من اتخذ إلهَهُ هَواهُ﴾ أي : أطاع هواه فيما يذر ويفعل، فصار معبوده هواه، يقول لرسول الله ﷺ : هذا الذي لا يرى معبوده إلا هواه، كيف تستطيع أن تدعوه إلى الهدى وتهديه إليها ؟ يُروى أن الواحد من أهل الجاهلية كان يعبد الحجر، فإذا مر بحجر أحسن منه تركه وَعَبَد الثاني. وقال الحسن : هو في كل متبع هواه. ﴿أفأنت تكون عليه وكيلاً﴾ ؛ حفيظاً تحفظه عن متابعة هواه وعبادة ما يهواه. والفاء ؛ لترتيب الإنكار على ما قبله، كأنه قيل : أَبَعْدَمَا شاهدت من غلوه في طاعة الهوى، وعتوه عن اتباع الهدى، تقهره على الإيمان، شاء أو أبى، وإنما عليك التبليغ فقط.
﴿
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٣٣
أم تَحْسَبُ أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون﴾، " أم " : منقطعة، بمعنى بل، أي : بل أتظن أن أكثرهم يسمعون ما تتلو عليهم من الآيات حق السماع، أو يعقلون ما في تضاعيفها من المواعظ والأنكال ؟ ﴿إنْ هم كالأنعام﴾ أي : ما هم، في عدم الانتفاع بما
١٣٣