﴿الذي خلق السموات والأرضَ وما بينهما في ستة أيام﴾ أي : في مدة مقدارها ستة أيام ؛ إذْ لم يكن ليل ولا نهار. وعن مجاهد : أولها يوم الأحد، وآخرها يوم الجمعة، وإنما خلقها في هذه المدة، وهو قادر على خلقها في لحظة، تعليماً لخلقه الرفق والتثبت. ﴿ثم استوى على العرش﴾ استواء يليق به، ﴿الرحمنُ﴾ أي : هو الرحمن، أو : فاعل استوى، أي : استوى الرحمن، برحمانيته على العرش وما احتوى عليه. وراجع ما تقدم في الأعراف ﴿فاسألْ به خبيراً﴾ أي : سل عنه رجلاً عارفاً خبيراً به، يُخبرك برحمانيته. وكانوا ينكرون اسم الرحمن، ويقولون : لا نعرف الرحمن إلا الذي باليمامة، يعنون : مسيلمة الكذاب، وكان يقال له : رحمن اليمامة ؛ غُلُوًّا فيه، فأمر نبيه أن يسأل من له خبرة وعلم بالكتب المتقدمة عن اسم الرحمن، فإنه مذكور في الكتب المتقدمة.
قال شيخ شيوخنا سيدي عبد الرحمن العارف : والظاهر : أن الخبير هو الله، أي : أسأل الله الخبير بالأشياء، الأعلم بخفاياها، والتقدير : فسل بسؤالك إياه خبيراً. وإنما استظهرنا هذا القول ؛ لأن المأمور بالسؤال الرسول ﷺ، وَتَجِلُّ رتبته عن سؤال غير ربه. والمراد : فسل الله الخبير بالرحمن ووصفه. انظر تمام كلامه.
﴿
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٤١
وإِذا قيل لهم﴾ أي : إذا قال محمد للمشركين :﴿اسجدوا للرحمن﴾ ؛ صَلّوا له، أو : اخضعوا، ﴿قالوا وما الرحمنُ﴾ أي : لا نعرف الرحمن فنسجد له، قالوا ذلك : إما لأنهم ما كانوا يطلقونه على الله تعالى، أو لأنهم ظنوا أن المراد به غيره تعالى. ﴿أنسجُدُ
١٤١
لما تأمرنا﴾ أي : للذي تأمرنا بالسجود له، أو لأمرك بالسجود له من غير علم منا به. وهو منهم عناد ؛ لأن معناه في اللغة : ذو الرحمة التي لا غاية لها ؛ لأن فَعْلاَنَ يدل على المبالغة، وهم من أهل اللغة. ﴿وزادهم نُفُوراً﴾ أي : زادهم الأمر بالسجود للرحمن تباعداً عن الإيمان ونفوراً عنه. وبالله التوفيق.