وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : كفى بالمرء سَرَفاً إلا يشتهي شيئاً إلا اشتراه فأكله. ومثله في سنن ابن ماجه ؛ مرفوعاً. قال القشيري : الإسراف : أن ينفق في الهوى ونصيب النفْس، ولو فلساً، وأما ما كان لله فليس فيه إسراف، ولو ألفاً. والإقتارُ : ما كان ادخاراً عن الله، فأمَّا التضييقُ على النَّفْس ؛ منعاً لها عن اتباع الشهوات، ولتتعود الاجتزاء باليسير، فليس بالإقتار المذموم. هـ.
﴿والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر﴾ أي : لا يشركون بالله شيئاً، ﴿ولا يقتلون النفسَ التي حرَّم الله﴾ قتلها ﴿إلا بالحق﴾ بقَوَدٍ، أو رَجْمٍ، أو شِرْكٍ، أو سعي في الأرض بالفساد، ﴿ولا يزنون﴾ أي : لا يفعلون من هذه العظائم القبيحة التي جمعهن الكفرة شيئاً، حيث كانوا مع إشراكهم به - سبحانه - مداومين على قتل النفوس المحرمة، التي من جملتها المؤودة، مُنْكَبِّينَ على الزنا، لا يرعوون عنه أصلاً، فنفَى هذه الكبائر عن عباده الصالحين ؛ تعريضاً بما كان عليه أعداؤهم من قريش وغيره، كأنه قيل : والذين طهرهم الله مما أنتم عليه. وعن ابن مسعود رضي الله عنه :" قُلْتُ : يا رَسُولَ الله، أيُّ الذَّنْبِ أعْظَمُ ؟ قال : أنْ تَجْعَلَ لله نداً وَهُوَ خَلَقَكَ، قلت : ثُمَّ أيُّ ؟ قال : أنْ تَقْتلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أنْ يُطْعَمَ مَعَكَ، قُلْتُ : ثمَّ أيُّ ؟ قال : أنْ تُزَانِي بحَلِيلَة جَارِكَ " فنزلت الآية تصديقاً لذلك.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٤٤