التفريق بين القدرة والحكمة، اللتين هما محل التحقيق والتشريع، قد خفي على مهرة العلماء، فضلاً عن غيرهم. فالحكم بزيادة " كان " أقرب ؛ كأنه قيل : إن في ذلك لآية باهرة موجبة للإيمان، وما أكثرهم مؤمنين مع ذلك ؛ لغاية عتوهم وعنادهم. ونسبة عدم الإيمان إلى أكثرهم ؛ لأن منهم من سبق له أنه يؤمن.
﴿
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٥٣
وإِنَّ ربك لهو العزيزُ﴾
؛ الغالب على كل ما يريد من الأمور، التي من جملتها : الانتقام من هؤلاء، ﴿الرحيمُ﴾ ؛ المبالغ في الرحمة، ولذلك يمهلهم، ولا يؤاخذهم بغتة بما اجترأوا عليه من العظائم الموجبة لفنون العقوبات. وفي التعرض لوصف الربوبية، مع الإضافة إلى ضميره - عليه الصلاة والسلام -، من تشريفه والعِدَة الحقيّة بالانتقام من الكفرة مالا يخفى. قاله أبو السعود.
الإشارة : أوَ لم يروا إلى أرض النفوس الطيبة، كم أنبتنا فيها من كل صنف من أصناف العلوم الغريبة، والحِكَم العجيبة، بعد أن كانت ميتة بالجهل والغفلة، إنَّ في ذلك لآية ظاهرة على وجود الخصوصية فيها، وعلى كمال من عالجها حتى ظهرت عليها. أو : أوَ لم يروا إلى أرض العبودية، كم أنبتنا فيها من أصناف الآداب المرضية، والمقامات اليقينية، والمكاشفات الوهبية، إن في ذلك لآية، وما كان أكثرهم مؤمنين بهذه الخصوصية عند أربابها، وإن ربك لهو العزيز الرحيم، يُعز من يشاء، ويرحم بها من يشاء. وبالله التوفيق.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٥٣


الصفحة التالية
Icon