وفي رواية : هدرت حمامة، فقال : إنها تقول : سبحان ربي الأعلى - مثل الرخمة - وقال : الغراب يدعو على العشَّار. والحِدَأة تقول : كل شيء هالك إلا وجهه. والقطاة تقول : من سكت سَلِمَ، والببغاء تقول : ويل لمن الدنيا همه، والديك يقول : اذكروا الله يا غافلين، والنسر يقول : يا ابن آدم ؛ عش ما شئت، آخرك الموت. والعُقاب يقول : في البُعد من الناس أُنس. والضفدع تقول : سبحان ربي القدوس. والبازي يقول : سبحان ربي وبحمده، المذكور في كل مكان. والدراج يقول : الرحمن على العرش استوى.
٢٠٣
والقنب يقول : إلهي ؛ العن مبغض آل محمد، عليه الصلاة والسلام.
وقيل : إن سليمان كان يفهم صوت الحيوانات كلها، وإنما خضّ الطير ؛ لأنه معظم جنده.
ثم قال :﴿وأُوتينا من كل شيء﴾ أي : ما نحتاج إليه. والمراد به كثرة ما أُوتي، كما تقول : فلان يقصده كل أحد، ويعلم كل شيء، كناية عن كثرة علمه. ﴿إنَّ هذا لهو الفضلُ﴾ والإحسان من الله تعالى ﴿المبين﴾ أي : الواضح، الذي لا يخفى على أحد، أو : إن هذا الفضل الذي أوتيته هو الفضل المبين. على أنه عليه السلام قاله على سبيل الشكر والمحمدة. كما قال رسول الله ﷺ :" أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلاَ فَخْرَ " أي : أقول هذا القول شكراً، لا فخراً، والنون في (عُلمنا) و(أُوتينا) نون الواحد المطاع، وكان حينئذٍ ملكاً، فكلم أهل طاعته على الحالة التي كان عليها، وليس فيه تكبر ولا فخر ؛ لعصمة الأنبياء من ذلك. والله تعالى أعلم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٠٢