والسبب فيه : أن سليمان عليه السلام لَمَّا فرغ من بناء بيت المقدس، عزم على الخروج إلى أرض الحرم، للحج، فتجهز للمسير، وخرج بجنوده - كما تقدم - فبلغ الحرم، وأقام به، وكان ينحر كل يوم بمكة خمسة آلاف ناقة، ويذبح خمسة آلاف ثور، وعشرين ألف شاة، قرباناً. وقال : إن هذا مكان يخرج منه نبي عزيزُ، صفته كذا وكذا، يُعطَى النصر على جميع من ناوأه، وتبلغ هيبته مسيرة شهر، القريب والبعيد في الحق عنده سواء، لا تأخذه في الله لومة لائم، دينه دين الحنيفية، فطوبى لمن أدركه وآمن به، وبيننا وبين خروجه زهاء ألف عام. ثم قضى نسكه، وخرج نحو اليمن صباحاً، يؤم سهيلاً، فوافى صنعاء وقت الزوال، وذلك مسيرة شهر، فرأى أرضاً حسناء، تزهو خضرتها، فأحب النزول بها ؛ ليصلي، ويتغذى، فطلبوا الماء فلم يجدوه، وكان الهدهد دليله على الماء، كان يرى الماء من تحت الأرض، كما نرى الماء في الزجاجة، فينقر الأرض فتجيء الشياطين يستخرجونه. وبحث فيه القشيري بأن الهدهد متعدد في عسكره، إذا فقدوا واحداً بقي آخر، قال : اللهم إلا أن يكون ذلك الواحد مخصوصاً بمعرفة ذلك، والله أعلم. هـ.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٠٨
قال سعيد بن جبير : لما ذكر ابن عباس هذا الحديث : قال له نافع بن الأزرق : كيف ينظر الماء تحت الأرض، ولا يبصر الفخ حتى يقع فيه ؟ قال ابن عباس : ويحك إذا جاء القدر حال دون البصر. هـ. قلت : ونافع هذا هو رأس الخوارج والمعتزلة.