قال تعالى :﴿ومكروا مكراً﴾ بهذه المواضع، ﴿ومكرنا مكراً﴾ ؛ أهلكناهم إهلاكاً غير معهود، ﴿وهم لا يشعرون﴾ أي : من حيث لا يحتسبون، فمكرهم هو ما أخفوه من تدبير الفتك بصالح عليه السلام وأهله. ومكر الله : إهلاكهم من حيث لا يشعرون. ﴿فانظر كيف كان عاقبةُ مكرهم﴾ أي : فتفكر في أنه كيف كان عاقبة مكرهم. فسره بقوله :﴿أنَّا دمرناهم﴾ : أهلكناهم بالصيحة ﴿وقومَهم﴾ الذين لم يكونوا معهم في التبييت ﴿أجمعين﴾. رُوي أنه كان لصالح مسجد في شِعْبٍ يُصلِّي فيه. فقالوا : زعم صالح يفرغ منا إلى ثلاث، وقد رأى علامة ذلك، فنحن نفرغ منه ومن أهله قبل الثلاث، فخرجوا إلى الشعب، وقالوا : إذا جاء يصلي قتلناه، ثم رجعنا إلى أهله فقتلناهم، فبعث الله تعالى صخرة من الهَضب التي حِيالهم، فبادروا، فأطبقت الصخرة عليهم فم الشعب، فلم يدر قومهم أين هم، ولم يدروا ما فُعِل بقومهم، وعذَّب الله كلاً في مكانه ونجى صالحاً ومن معه.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٢٢
وقال ابن عباس : أرسل الله الملائكة ليلاً، فامتلأت بهم دار صالح، فأتى التسعة إلى دار صالح، شاهرين السيوف، فقتلهم الملائكة بالحجارة يرون الحجارة، ولا يرون رامياً. هـ. ويمكن الجمع بأن بعضهم مات تحت الصخرة، وبعضهم أتى إلى دار صالح فقتل.
قال تعالى :﴿فتلك بُيوتُهمْ خاويةً﴾ ؛ ساقطة متهدمة، من : خوى النجم : إذا سقط.
أو : خالية من السكان، ﴿بما ظلموا﴾ ؛ بسبب ظلمهم. ﴿إن في ذلك﴾ أي : فيما ذكر من التدمير العجيب ﴿لآيةً لقوم يعلمون﴾ قدرتنا، فيتعظون.


الصفحة التالية
Icon