﴿وقل الحمدُ لله﴾ على ما أفاض عليّ من نعمائه، التي أجلُها نعمة النبوة، المستتبعة لفنون النعم الدينية والدنيوية، ووفقني لتحمل أعبائها، وتبليغ أحكامها إلى كافة الورى، بالآيات البينة والبراهين النيرة، ﴿سيُريكُم آياته﴾ قطعاً في الدنيا، التي وعدكم بها، كخروج الدابة وسائر الأشراط، ﴿فتعرفونها﴾ أي : فتعرفون أنها آيات الله، حين لا تنفعكم المعرفة، أو : سيضطركم إلى معرفة آياته، والإقرار بأنها آيات الله حين ظهورها، ﴿وما ربك بغافل عما تعملون﴾، بل محيط بعمل المهتدي والضال، غير غافل، فيجازي كلاًّ بما يستحقه. وتخصيص الخطاب أولاً به - عليه الصلاة والسلام - وتعميمه ثانياً للكفرة تغليباً، أي : وما ربك بغافل عما تعمل أنت من الحسنات وما تعملون أنتم - أيها الكفرة - من السيئات، فيجازي كلاً بعمله. ومن قرأ بالغيب فهو وعيد محض، أي : وما ربك بغافل عن أعمالهم، فسيعذبهم ألبتة، فلا يحسبوا أن تأخير عذابهم لغفلته تعالى عن أعمالهم، بل يمهل ولا يهمل. والله تعالى أعلم.
٢٤٤
الإشارة : إذا فرغ الواعظ من وعظه وتذكيره، أو : العالم من تدريسه وتعليمه، أقبل على عبادة ربه، إما عبادة الجوارح الظاهرة، من صلاة وذكر وتلاوة، أو عبادة القلوب، كتفكر واعتبار، أو استخراج علوم وحكم ودُرر. وإما عبادة الأرواح، كنظرة وفكرة وشهود واستبصار. وهذه عبادة الفحول من الرجال، فمن اهتدى إليها فلنفسه، ومن ضل عنها فقل إنما أنا من المنذرين. والحمد لله رب العالمين - وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً.
٢٤٥
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٤٣


الصفحة التالية
Icon