وتكون تحت مُلكهم وسلطانهم. وأصل التمكن : أن يجعل لهم مكاناً يقعد عليه، ثم استعير للتسليط والتصرف في الأمر. ﴿ونُرِيَ فرعونَ وهامان وجنودَهما منهم﴾ ؛ من بني إسرائيل، ﴿ما كانوا يحذَرون﴾ ؛ يخافون من ذهاب ملكهم، وهلاكهم على يد مولود منهم. والحذر التوقي من الضرر. ومن قرأ (يري) ؛ بالياء ففرعون وما بعده فاعل. وبالله التوفيق.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٤٧
الإشارة : العلو في الأرض يُورث الذل والهوان. والتواضع والاستضعاف يورث العز والسلطان، والعيش في العافية والأمان ؛ من تواضع رفعه الله، ومن تكبر قصمه الله. وهذه عادة الله في خلقه، بقدر ما يَذِلُّ في جانب الله يعزه الله، وبقدر ما يفتقر يغنيه الله، بقدر ما يفقد يجد الله. قال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه : اللهم إن القوم قد حكمت عليهم بالذل حتى عزوا، وحكمت عليه بالفقد حتى وجدوا. وبالله التوفيق.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٤٧
يقول الحق جل جلاله :﴿وأوحينا إلى أمِّ موسى﴾ ؛ بالإلهام، أو بالرؤيا، أو بإخبار ملك كما كان لمريم، وليس هذا وحي رسالة، فلا يلزم أن تكون رسولاً، واسمها : يوحانة، وقيل : يوخابذ بنت يَصهرُ بن لاوي بن يعقوب. وقيل : يارخا. ذكره في الإتقان. وقلنا :﴿أن أرضعيه﴾ ؛ " أن " : مفسرة، أي : أرضعيه، أو : مصدرية، بأن أرضعيه ما أمكنك إخفاؤه، ﴿فإذا خِفْتِ عليه﴾ من القتل ﴿فألقيه في اليمِّ﴾. البحر، وهو نيل مصر، ﴿ولا تخافي﴾ عليه من الغرق والضياع، ﴿ولا تحزني﴾ لفراقه، ﴿إنا رادوه إليك﴾ بوجه لطيف ؛ لتُربيه، ﴿وجاعلوه من المرسلين﴾. وفي هذه الآية : أمران، ونهيان، وخبران، وبشارتان.