﴿والذين هم عن اللغو مُعرضون﴾، اللغو : كل كلام ساقط، حقه أن يُلغَى، كالكذب والشتم ونحوهما. والحق إن اللغو : كل ما لا يَعني من الأقوال والأفعال، وصفهم بالحزم والاشتغال بما يعنيهم وما يقربهم إلى مولاهم في عامة أوقاتهم، كما ينبىء عنه التعبير بالاسم الدال على الثبوت والاستمرار، بعد وصفه لهم بالخشوع ؛ ليجمع لهم بين الفعل والترك، الشاقَّين على النفس، اللذَيْن هما قاعدتا التكليف. ﴿والذين هم للزكاة فاعلون﴾ : مؤدون، والمراد بالزكاة : المصدر، الذي هو الإخراج، لا المخرج. ويجوز أن يراد به العين، وهو الشيء المُخْرج، على حذف مضاف، أي : لأداء الزكاة فاعلون. وصفهم بذلك، بعد وصفهم بالخشوع في الصلاة ؛ للدلالة على أنهم بلغوا الغاية القصوى من القيام بالطاعة البدنية والمالية، والتجنب عن النقائص، وتوسيط الإعراض عن اللغو بينهما ؛ لكمال ملابسته بالخشوع في الصلاة ؛ لأن من لزم الصمت والاشتغال بما يعني عَظُم خشوعُه وأُنسه بالله.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣