وقد تقدم في الأعراف التنويه به، وذكر شرفه، وشرف أمته، قبل ظهوره، وإليه الإشارة هنا بقوله :﴿وما كنت بجانب الطور إذ نادينا﴾، أي : إذ نادينا بأمرك، وأخبرنا بنبوتك، رُوي عن أبي هريرة ؛ أنه نُودي يومئذٍ من السماء : يَا أُمَةُ مُحَمّدٍ، استجبتُ لَكُم قَبْلَ أَنْ تَدْعُوني، وَغَفَرْتُ لَكُمْ قَبْلَ أنْ تَسألونِي، فحينئذٍ قال موسى - عليه السلام : اللهم اجعلني من أمة محمد. هـ.
وقال القشيري : أي : لم تكن حاضراً تتعلم ذلك ؛ مشاهدةً، فليس إلا تعريفنا إياك، وإطلاعنا لَكَ على ذلك. ويقال : إذ نادينا موسى، وخاطبناه، وكلمناه في بابك وباب أُمَّتِكَ، وما طلب موسى لأمته جعلناه لأمتك، فكوْني لكم : خيرٌ لكم من كونِكم لكم فلم تقدح فيكم غَيْبَتَكُمْ في الحال، كما أنشدوا :
كُنْ لِي ؛ كَمَا كُنْتَ
لي في حين لمْ أَكُنِ
ويقال : لما خاطب موسى وكلمه، سأله موسى، إنه رأى في التوراة أمة صفتهم كذا وكذا، من هم ؟ فقال : هم أمة محمد. وذكر لموسى أوصافاً كثيرة، فاشتاق إلى لقائهم،
٢٧١
فقال له : ليس اليوم وقت حضورهم فإن شئت أسمعناك كلامهم، فأراد ذلك، فنادى : يا أُمة محمد ؛ فأجاب الكل من أصلاب آبائهم، فسمع موسى كلامهم، ثم لم يتركهم كذلك، بل زادهم من الفضائل ؛ لأن الغني ؛ إذا دعا فقيراً فأجابه ؛ لم يرض أن يذكره من غير إحسانه. هـ. وقال الطبري : معنى قوله :﴿إذ نادينا﴾ أي : بقوله :﴿سأكتبها للذين يتقون...﴾ الآية. هـ. والله تعالى أعلم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٧٠
قلت :(لولا) الأولى : امتناعية، وجوابها محذوف، اي : ولولا أنهم قائلون ؛ إذا عوقبوا على ما قدّموا من الشرك، محتجين علينا :(هلا أرسلت إلينا رسولاً...) إلخ ؛ لَمَا أرسلناك.


الصفحة التالية
Icon