وعن ابن عباس رضي الله عنه :(إن الله خلق الدنيا، وجعل أهلها ثلاثة أصناف ؛ المؤمن والمنافق والكافر، فالمؤمن يتزود، والمنافق يتربى، والكافر يتمتع. ثم قرأ هذه الآية). وفي الحديث عنه ﷺ :" لو كانتِ الدنيا تَزِنُ عند الله جناحَ بعوضة لمى سَقَى الكافرَ منها شَرْبَةَ ماءٍ " رواه الترمذي.
ثم قرر ذلك بقوله :﴿أفمن وعدناه وعداً حسنا﴾، وهو الجنة ؛ إذ لا شيء أحسن منها، حيث اشتملت على النظر لوجه الله العظيم، ولأنها دائمة، ولذا سميت الحسنى، ﴿فهو﴾ : أي : الوعد الحسن ﴿لاقيه﴾ ومدركه، لا محالة، لامتناع الخلف في وعده تعالى، ﴿كمن متعناه متاع الحياة الدنيا﴾ الذي هو مشوب بالكدر والمتاعب، ، مستعْقب بالفناء والانقطاع، ﴿ثم هو يوم القيامة من المحضَرين﴾ للحساب والعقاب، أو : من الذين أحضروا النار.
والآية نزلت في المؤمن والكافر، أو : في رسول الله ﷺ وأبي جهل - لعنه الله -، ومعنى الفاء الأولى : أنه لَمَّا ذكر التفاوت بين متاع الحياة الدنيا وما عند الله عقّبه بقوله :﴿أفمن وعدناه﴾ أي : أبعد هذا التفاوت الجلي نُسَوي بين أبناء الدنيا وأبناء الآخرة ؟ والفاء الثانية للتسبيب، لأنه لقاء الموعود مسبب عن الوعد. و " ثم " : لتراخي حال الإحضار عن حال التمتع. ومن قرأ :" ثم هْو " ؛ بالسكون، شبه المنفصل بالمتصل، كما قيل في عَضد - بسكون الضاد -.
٢٧٩
﴿و﴾ اذكر ﴿يوم يُنادِيهم﴾ ؛ يوم ينادي الله الكفارَ، نداء توبيخ، ﴿فيقول أين شركائيَ﴾ ؛ في زعمهم ﴿الذين كنتم تزعمون﴾ أنهم شركائي، فحذف المفعول ؛ لدلالة على الكلام عليه. والله تعالى أعلم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٧٩


الصفحة التالية
Icon