﴿وآتيناه من الكنوز ما﴾ الذي ﴿إنَّ مفاتِحَه﴾ ؛ جمع مِفتح، بمعنى المقَلد، أي : إن مقاليده ﴿لَتَنُوءُ﴾ أي : تثقل ﴿بالعُصْبَةِ﴾، الباء للتعدية، يقال : ناء به الحمل : أثقله حتى أماله. والعصبة : الجماعة الكثيرة، وكانت مفاتح خزائنه وقرَ ستين بغلاً، لكل خزانة مفتاح، ولا يزيد المفتاح على إصبع. وكانت من جلود، أي : مغاليقها. وقيل : معنى تنوء : تنهض بِتَكَلُّفِ، ويكون حينئذٍ في الكلام قلب ؛ إذ العصبة هي التي تنوء بالمفاتح، لا العكس، قيل : وسميت أمواله كنوزاً ؛ لأنه كان لايؤدي زكاتها، وبسبب ذلك عادى موسى أول عداوته.
﴿إذْ قال له قومُه لا تفرح﴾ ؛ لا تبطر بكثرة المال ؛ فرَح إعجاب ؛ لأنه يقود إلى الطغيان. أو : لا تفرح بالدنيا ؛ إذ لا يفرح بها إلا من لا عقل له، ﴿إن الله لا يُحب
٢٨٦
الفَرِحِين :﴾ البطرين المفتخرين بالمال، أو : الفرحين بزخارف الدنيا، من حيث حصول حظوظهم وشهواتهم فيها. قال البيضاوي : الفرح بالدنيا مذموم مطلقاً ؛ لأنه نتيجة حبها والرضا بها، والذهول عن ذهابها، قإن العلم بأن ما فيها من اللذة مفارق لا محالة، يوجب التوخي لا محالة، كما قيل :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٨٦
أَشَدُّ الغَمِّ عِنْدِي في سُرورٍ
تَيَقّن عَنْهُ صَاحِبُهُ انْتِقَالاَ