قال تعالى :﴿بل هو﴾ أي : القرآن ﴿آيات بيناتٌ في صدور الذين أُوتوا العلم﴾ اي : في صدور العلماء وحُفاظه، وهما من خصائص القرآن كون آياتِ بيناتِ الإعجاز، وكونه محفوظاً في الصدور، بخلاف سائر الكتب، فإنها لم تكن معجزات، ولم تكن تُقرأ إلا بالمصاحف. قال ابن عباس :﴿بل هو﴾ أي : محمد، والعلم بأنه أُمي، ﴿آيات بينات﴾ ؛ في صدور أهل العلم من أهل الكتاب، يجدونه في كتبهم. هـ. و(بل) : للإضراب عن محذوف، ينساق إليه الكلام، أي : ليس الأمر مما يمكن الارتياب فيه، بل هو آيات واضحات. و(في صدور) : متعلق ببينات، أو : خبر ثان لهو. ﴿وما يجحدُ بآياتنا﴾ الواضحة ﴿إلا الظالمون﴾ ؛ المتوغلون في الظلم. قال ابن عطية : الظالمون والمبطلون هم كل مُكذب للنبي ﷺ، ولكن عُظم الإشارة بهما إلى قريش لأنهم الأهم. قاله مجاهد. هـ.
٣١٩
الإشارة : كم من وليٍّ يكون أُمياً، وتجد عنده من العلوم والحِكَم والتوحيد ما لا يوجد عند نحارير العلماء. ما اتخذ الله ولياً جاهلاً إلا علَّمه ولقد سمعت من شيخنا البوزيدي رضي الله عنه علوماً وأسراراً، ما رأيتها في كتاب، وكان يتكلم في تفسير آيات من كتاب الله على طريق أهل الإشارة، قلّ أن تجدها عند غيره، وسمعته يقول : والله ما جلست بين يدى عالم قط، ولا قرأت شيئاً من العلم الظاهر. قال القشيري : قلوبُ الخواص من العلماء بالله خزائنُ الغيب، فيها أودع براهين حقه، وبينات سرِّه، ودلائل توحيده، وشواهد ربوبيته، فقانون الحقائق في قلوبهم، وكلُّ شيء يُطلب من موطنه ومحله، فالدر يُطلب من الصدف ؛ لأنه مسكنه، كذلك المعرفة، ووصف الحق يُطْلَبُ من قلوب خواصه ؛ لأن ذلك قانون معرفته، ومنها ترفع نسخةُ توحيده. هـ.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣١٨


الصفحة التالية
Icon