الإشارة : السير إلى الله على أقسام : سَيْرُ النفوس : بإقامة عبادة الجوارح ؛ لطلب الأجور، وسَيْرُ القلوب : بجَولاَنها في ميادين الأغيار، للتبصر والاعتبار، طلباً للحضور، وسير الأرواح : بجولان الفكرة في ميادين الأنوار ؛ طلباً لرفع الستور ودوام الحضور، وسير الأسرار : الترقي في أسرار الجبروت، بعد التمكن من شهود أنوار الملكوت على سبيل الدوام. قال القشيري : سَيْرُ النفوس في أوطان الأرض ومناكبها لأداء العبادات، وسَيْرُ القلوب بجَوَلاَن الفكْر في جميع المخلوقات، وغايته : الظَّفَرُ بحقائق العلوم التي تُوجبُ ثلج الصدور - ثم تلك العلوم علىدرجات - وسَيْرُ الأرواح في ميادين الغيب : بِنَعْتِ خَرْقِ سُرَادِقَات الملكوت. وقُصَاراه : الوصولُ إلى ساحل الشهود، واستيلاء سلطان الحقيقة. وسَيْرُ الأسرار : بالترقي - أي : الغيبة - عن الحِدْثان بأَسْرها، والتحقق، أولاً، بالصفات، ثم بالخمود، بالكلية، عمَّا سوى الحق. هـ.
وقال في قوله :﴿ثم كان عاقبة الذين أساؤوا السُّوأى﴾ : من زَرَعَ الشوكَ لم يحصدُ الوَرْدَ، ومَنْ استنبت الحشيش لم يقطف البهار، ومَنْ سَلَكَ سبيل الغيّ لم يَحْلُلْ بساحة الرشد. هـ.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٣٣
يقول الحق جل جلاله :﴿الله يَبدأُ الخلقَ﴾ ؛ ينشئهم، ﴿ثم يُعيده﴾ ؛ يحييهم بعد الموت، ﴿ثم إليه تُرْجَعونَ﴾ ؛ للجزاء ؛ بالثواب والعقاب. والالتفات إلى الخطاب ؛ للمبالغة في إثباته. وقرأ أبو عمرو وسهل وروح : بالغيب، على الأصل. ﴿ويوم تقوم الساعة يُبْلِسُ﴾ : ييأس ويتحير ﴿المجرمون﴾ ؛ المشركون ؛ يُقال : ناظرته فأبلس، أي : أُفْحِمَ وأَيِسَ من الحجة، أو : يسكتون متحيرين، ﴿ولم يكنُ لهم من شركائهم﴾ التي عبدوها من دون الله ﴿شفعاء﴾ يشفعون لهم ويجيرونهم من النار، ﴿وكانوا بشركائهم كافرين﴾ ؛ جاحدين لها، متبرئين من عبادتها، حين أيسوا من نفعها. أو : كانوا في الدنيا كافرين بسبب عبادتها.