جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٤٢
لِي محْبوبٌ إنما هُوَ غَيُورْ
يُطِلُّ في الْقَلْبِ كَطَيْر حَذُورْ
ذَا رَأَى شيئاً امتَنَعَ أَنْ يَزُورْ
فكما أنك لا ترضى من عبدك أن يُحب غيرك، ويخضع له، كذلك الحق تعالى، لا يرضى منكُ أن تميل لغيره. قال القشيري. قوله :﴿بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم﴾ : أشدُّ الظلم متابعةُ الهوى ؛ لأنه قريب من الشِّرْكِ. قال الله تعالى :﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـاهَهُ هَوَاهُ﴾ [ الجاثية : ٢٣]، ومن اتَّبع هواه ؛ خالف رضا مولاه، فهو، بوضع الشيء في غير موضعه، صار ظالماً، كما أن العاصي، بوضع المعصية في موضع الطاعة، صار ظالماً، كذلك بمتابعة هواه، بَدَلاً عن موافقة ومتابعة رضا مولاه، صار في الظلم متمادياً. هـ.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٤٢
قلت :(حنيفاً) : حال من (الدين)، أو : من المأمور، وهو ضمير (أقم)، و(فطرة) : منصوب على الإغراء.
يقول الحق جل جلاله : لنبيه ﷺ، أو : لكل سامع :﴿فأَقِمْ وَجْهَكَ للدين﴾ أي : قوّم وجهك له، غَيْرَ مُلْتَفِتٍ عنه ؛ يميناً ولا شمالاً. وهو تمثيلٌ لإقباله على الدين بكُلِّيته، واستقامته عليه، واهتمامه بأسبابه ؛ فإنَّ من اهتم بالشيء توجه إليه بوجهه، وسدّد إليه نظره، ﴿حنيفاً﴾ ؛ أي : مائلاً عن كل ما سواه من الأديان، ﴿فِطْرَتَ الله﴾ ؛ أي : الزموا فطرة الله. والفطرة : الخلقة : أَلاَ ترى إلى قوله :﴿لا تبديلَ لخلقِ الله﴾ ؟ فالأرواح، حين تركيبها في الأشباح، كانت قابلة للتوحيد، مُهَيَّأَةً له، بل عالمة به، بدليل إقرارها به في
٣٤٣


الصفحة التالية
Icon