جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٤٧
وما آتيتم من زكاةٍ} ؛ صدقة، ﴿تُريدون وجه الله﴾ ؛ تبتغون به وجهه ؛ خالصاً، لا تطلبون به زيادة، ولا مكافأة، ولاسمعة، ﴿فأولئك هم المضْعِفُونَ﴾ أي : ذوو الأَضْعَافِ من الحسنات، من سبعمائة فأكثر. ونظير المُضْعِفِ : المقوي، والموسر، لذي القوة واليسار. والالتفات إلى الخطاب في (أولئك...) إلخ في غاية الحسن ؛ لما فيه من التعظيم، كأنه خاطب الملائكة وخواص الخلق ؛ تعريفاً بحالهم، وتنويهاً بقدرهم، ولأنه يفيد التعميم، كأنه قيل : مَنْ فَعَلَ هذا فسبيله سبيل المخاطبين المقبول عليهم. ولا بد من ضمير يعود إلى " ما " الموصولة، أي : المضعفون به. أو : فَمُؤْتُوه أولئك هم المضعفون. وقال الزجاج : أي : فأهلها هم المضعفون، أي : يضاعف لهم الثواب، من عشر إلى سبعمائة. والله تعالى أعلم.
الإشارة : البسط والقبض يتعاقبان على العبد تَعَاقُبَ الليل والنهار. فالواجب على العبد : الرجوعُ إلى الله في السراء والضراء، فالبسط يشهد فيه المنّة من الله، ومقتضى الحق منك الحمدُ والشكر. والقبض يشهده من الله امتحاناً وتصفية، ومقتضى الحق منك الصبرُ والرضا، وانتظار الفرج من الله ؛ فإن انتظار الفرج، مع الصبر، عبادة. قال القشيري : الإشارة إلى ألا يُعلِّق العبدُ قلبَه إلا بالله، لأن ما يسوءهم ليس زواله إلا من الله، وما يسرهم ليس وجودُه إلا من الله. فالبسطُ، الذي يسرهم ويؤنسهم منه، وجوده، والقبض، الذي يسوءهم ويحوشهم منه، حصولُه. فالواجب : لزوم عهوده بالإسرار، وقطعُ الأفكار عن الأغيار. هـ.


الصفحة التالية
Icon