﴿ولِتجريَ الفلكُ﴾ في البحر عند هبوبها ﴿بأمره﴾ ؛ بتدبيره، أو بتكوينه، لقوله :﴿إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً...﴾ [يس : ٨٢] الآية. قيل : إنما زاد بأمره ؛ لأنها قد تهب غير مُوَاتِيَةٍ، فتُغرق، وهي عند أمره أيضاً، فهي على حسب أمره، ولأن الإسناد وقع للفلك ؛ مجازاً، فأخبر أنه بأمره، ﴿ولتبتغوا من فضله﴾، يريد به تجارة البحر، ﴿ولعلكم تشكرون﴾ هذه النعم ؛ فيزيدكم من فضله.
الإشارة : ومن آياتِ فَتْحِهِ على أوليائه : أن يرسل رياح الهداية أولاً، ثم رياح التأييد، ثم رياح الواردات، تحمل هدايا التَّعَرُّفَاتِ، مبشرات بالفتح الكبير، والتمكين في شهود العلي الكبير، وليذيقكم من رحمته، وهي حلاوة معرفته، ولتجريَ سفن الأفكار في ميادين بحار توحيده، ولتبتغوا من فضله، هو الترقي في الكشوفات والعلوم والأسرار، أبداً سرمداً، ولعلكم تشكرون ؛ بالقيام برسوم الشريعة وآداب العبودية.
قال القشيري : يرسل رياحَ الرجاءِ على قلوب العُبَّاد، فتكنس قلوبهم من غبار الحسد وغُثَاء النفس، ثم يرسل عليها أمطار التوفيق، فتحملهم إلى بساط الجُهْدِ، وتكرمهم بقوى النشاط. ويرسل رياحَ البَسْطِ على أرواح الأولياء فتطهرها من وَحْشَةِ القبض، وتنشر فيه لذاذات الوصال، ويرسل رياحَ التوحيد فتهب على أسرار الأصفياء، فتطهرها من آثار الأغيار، وتبشرها بدوام الوصال، فذلك ارتياحٌ به، ولكن بعد اجتناحٍ عنك. هـ. أي : بعد ذهابٍ عنك وزوال. والله تعالى أعلم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٥٢
قلت :(حقاً) : خبر " كان "، و(نصر) : اسمها. أو :(حقاً) : خبر " كان "، واسمها : ضمير الانتقام، فيوقف عليه، و(علينا نصر) : مبتدأ وخبر.


الصفحة التالية
Icon