وعن ابن عُيَيْبَةَ : من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله، ومن دعا للوالدين، في أدبار الصلوات الخمس، فقد شكرهما. هـ. وقال القشيري : والإجماع على أن شكر الوالدين بدوام طاعتهما. ثم قال : فشكرُ الحقِّ بالتعظيم والتكبير، وشكرُ الوالدين بالإشفاق والتوقير. هـ.
ثم قال تعالى :﴿إليَّ المصيرُ﴾ فأحاسبك على شكرك، أو كفرك. ﴿وإن جاهداك على أن تُشرك بي ما ليس لك به عِلْمٌ﴾، أراد بنفي العلم به نفيَه من أصله، أي : أن تشرك بي ما ليس بشيء. أو : ما ليس لك به علم باستحقاقه الإشراك مع الله، بل تقليداً لهما، ﴿فلا تُطِعْهُما﴾ في ذلك الشرك. ﴿وصاحبهما في الدنيا معروفاً﴾ أي : صِحَاباً معروفاً يرتضيه الشرع ويقتضيه الكرم، وهو الخُلُقُ الجميل، بِحِلْمٍ، واحتفالٍ، وبر، وصلة. وقد تقدم تفسيره في الإسراء.
﴿
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٦٩
واتبع سبيل من أناب إلي﴾ أي : اتبع طريق مَنْ رَجَعَ إليَّ بالتوحيد والإخلاص، وهو الرسول ﷺ والمؤمنون، ولاتتبع سبيلهما، وإن كنت مأموراً بحسن مصاحبتهما في الدنيا، وقال ابن عطاء : اتبع سبيل من ترى عليه أنوار خدمتي. هـ. ﴿ثم إليَّ مرجِعكُم﴾ أي : مرجعك ومرجعهما، ﴿فأُنَبِئُكم بما كنتم تعملون﴾ ؛ فأجازيك على إيمانك وَبِرِّكَ، وأجازيهما على كفرهما. وَاعْتَرَضَ بهاتين الآيتين، على سبيل الاستطراد ؛ تأكيداً لِمَا في وصية لقمان من النهي عن الشرك، يعني : إنما وصيناه بوالديه، وأمرناه ألا يطيعَهُمَا في الشرك، وإن جاهدا كل الجهد ؛ لقبح الشرك.
وتقدم أن الآية نزلت في سعد بن أبي وقاص، وأنه مضت لأمه ثلاث ليال لم تَطْعم فيها شيئاً، فشكى لرسول الله ﷺ، فنزلت، وقيل : من أناب : أبو بكر ؛ لأن سعداً أسلم بدعوته. والله تعالى أعلم.