قال المحلي : روى البخاري ؛ عن ابن عمر حديث مفاتح الغيب الخمس :﴿إن الله عنده علم الساعة...﴾ إلى آخر السورة.. ونقل ابن حجر عن ابن أبي جمرة، بعد كلام، ما نصه : والحكمة في جعلها خمسة : الإشارة إلى حصر العوالم فيها، ففي قوله :﴿ما تغيض الأرحام﴾ : الإشارة إلى ما يزيد في الإنسان وما ينقص. وخص الرحم بالذكر، لكون الأكثر يعرفونها بالعادة، ومع ذلك فنفى أن يعرفها أحد بحقيقتها، فغيرها بطريق الأولى. وفي قوله : لا يعلم متى يأتي المطر : إشارة إلى أمور العالم العلوي، وخص المطر مع أن
٣٨٣
له أسباباً قد تدل على وقوعه، لكنه من غير تحقيق. وفي قوله :" لا تدري نفس بأي أرض تموت " : إشارة إلى أمور العالم السفلي، مع أن عادة أكثر الناس أن يموت ببلده، ولكن ليس ذلك حقيقة، وإن مات ببلده لا يعلم بأي بقعة يُدفن فيها، ولو كان هناك مقبرة لأسلافه، بل قبر أعده هو له. وفي قوله :" ولا يعلم ما في غد إلا الله " : إشارة إلى أنواع الزمان، وما فيها من الحوادث، وعبَّر بلفظ (غدٍ) ؛ لكون حقيقته أقربَ الأزمنة إليه، وإذا كان مع قربه لا يعلم حقيقة ما يقع فيه، مع إمكان الأمارة والعلامة، فما بعدُ عنه أولى. وفي قوله :" متى تقوم الساعة إلا الله " ؛ إشارة إلى علوم الآخرة، فإن يوم القيامة أولها، وإذا نفى علم الأقرب انتقى علم ما بعدُ، فجمعت الآية أنواع الغيوب، وأزالت جميع الدعاوى الفاسدة. وقد بيّن في قوله تعالى، في الآية الأخرى، وهي قوله :﴿فَلاَ يُظْهِرُ عَلَىا غَيْبِهِ أَحَداً إِلاَّ مَنِ ارْتَضَىا﴾ [الجن : ٢٦، ٢٧] الآية، أن الإطلاع على شيء من هذه الأمور لا يكون إلا بتوقيف. هـ ملخصاً.