سبيلَ الاستدلال، وأدَام التوفيق لكلِّ أحدٍ، ولكن تَعلَّقَتْ المشيئةُ بإغواء قوم، وأردنا أن يكون للنار قُطان، كما يكون للجنة سُكان، لما علمنا يوم خلقناهما أنه ينزلهما قومٌ وقومٌ. فَمن المحال أن نريد ارتفاعَ معلومنا، إذ لو لم يقع، ولم يحصل ؛ لم يكن عِلْماً. فإذا لا أكون إلها. ومن المحال أن أُريد ذلك. ويقال : من يتسلَّطْ عليه من يحبه ؛ لم يجد في مُلْكِه ما يكرهه. يا مسكين أفنيت عُمْرَك في النكد والعناء، وأمضيت أيامك في الجهد والرجاء، غيَّرت صفتك، وأكثرتَ مجاهدتك، فما تفعل فيما مضى، كيف تبدله ؟ وما تصنع في مشيئتي، وبأي وسع ترُدُّها ؟ وأنشدوا :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٨٩
شكا إليك ما وَجَدْ
من خَانَهُ فيك الجَلَدْ
حيرانُ، لو شئتَ، اهتدى
ظمآنُ، لو شئتَ، وَرَدْ. هـ.
قوله تعالى :﴿إنما يؤمن...﴾ الآية، خروا سُجداً بظواهرهم في التراب، وبسرائرهم، بالخضوع لهيبة الكريم الوهاب، فسجود الجبهة وسيلة لسجود القلب، فإذا سجدت الجبهة وتكبر القلب على عباد الله، كانت وسيلة بلا غاية. وبالله التوفيق.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٨٩


الصفحة التالية
Icon