﴿قل يومَ الفتح﴾ أي : يوم القيامة هو يوم الفصل بين المؤمنين وأعدائهم. أو : يوم نصرهم عليهم. أو : يوم بدر، أو يوم فتح مكة، ﴿لا ينفعُ الذين كفروا إيمانُهم﴾ ؛ لفوات محله، الذي هو الإيمان بالغيب، ﴿ولا هم يُنْظَرون﴾ ؛ يُمْهِلون، وهذا الكلام لم ينطبق ؛ جواباً عن سؤالهم ؛ ظاهراً، ولكن لمّا كان غرضهم في السؤال عن وقت الفتح استعجالاً منهم، على وجه التكذيب والاستهزاء، أُجيبوا على حسب ما عُرف من غرضهم من سؤالهم، فقيل لهم : لا تستعجلوا به ولا تستهزئوا، فكأني بكم وقد حصلتم في ذلك اليوم وآمنتم، فلم ينفعكم الإيمان، واستنظرتم عند درك العذاب فلم تُمهلوا. ومن فسره بيوم بدر أو بيوم الفتح، فهو يريد المقتولين منهم ؛ فإنهم لا ينفعهم إيمانهم في حال الفعل، كما لم ينفع فرعون إيمانه عند دَرَك الغرق. ﴿فأَعْرِضْ عنهم وانتظرْ﴾ النصر وهلاكهم، ﴿إنهم مُنتظِرون﴾ الغلبة عليكم وهلاككم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٩٨
قال عليه الصلاة والسلام :" من قرأ ﴿الم تَنزِيلُ﴾ في بيته، لم يدخل الشيطان به ثلاثة أيام ". الإشارة : أولم يروا أنا نسوق الماء الذي تحيا به القلوب على يد المشايخ، إلى القلوب الميتة بالجهل والغفلة، فنخرج به ثمار الهداية إلى الجوارح، تأكل منه، من لذة حلاوته، جوارحُهم وقلوبُهم، أفلا يبصرون ؟. ويقول أهل الإنكار لوجود هذا الماء : متى
٣٩٩
هذا الفتح، إن كنتم صادقين في أنه موجود ؟ قل : يوم الفتح الكبير - وهو يَوْمَ يَرْفَعُ اللهُ أولياءه في أعلى عليين - لا ينفع الذين كفروا بالخصوصية، في دار الدنيا، إيمانُهم في الالتحاق بهم، ولا هم يُمهلون حتى يعلموا مثل عملهم، فأعرض عنهم اليوم، واشتغل بالله، وانتظر هذا اليوم، إنهم منتظرون لذلك.


الصفحة التالية
Icon