ثم ذكر تعالى نعمته على داود وسليمان، احتجاجاً على ما منح محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ من الرسالة والوحي، ردًّا لقولهم :﴿أَفترى على الله كذباً﴾، ودلالة على قدرته تعالى على البعث وغيره.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٦٤
٦٥
قلت :﴿يا جبال﴾ : بدل من ﴿فضلاً﴾، أو يقدر : وقلنا. و ﴿الطير﴾ : عطف على محل الجبال، ومَن رفعه فعلى لفظه.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿ولقد آتينا داودَ منا فضلاً﴾ أي : مزية خُصّ بها على سائر الأنبياء، وهو ما جمع له من النبوة، والمُلك، والصوت الحسن، وإلانة الحديد، وتعلم صنعة الزرد، وغير ذلك مما خُص به، أو : فضلاً على سائر الناس بما ذكر، وقلنا :﴿يا جبالُ أوّبي معه﴾ رَجّعي معه التسبيح. ومعنى تسبيح الجبال معه : أن الله تعالى يخلق فيها تسبيحاً، فيسمع منها كما يسمع من المسبّح، معجزة لداود عليه السلام، فكان إذا تخلّل الجبال وسبّح ؛ جاوبته الجبال بالتسبيح، نحو ما سبّح به. وهو من التأويب، أي : الترجيع، وقيل : من الإياب بمعنى الرجوع، أي : ارجعي معه بالتسبيح. ﴿والطيرَ﴾ أي : أوبي معه، أو : وسخرنا له الطير تؤوب معه. قال وهب : فكان داود إذا نادى بالنياحة على نفسه، من أجل زلته، أجابته الجبال بصداها، وعكفت الطير عليه من فوقه، فصدى الجبال الذي يسمعه الناس منها هو من ذلك اليوم.