يقول الحق جلّ جلاله :﴿و﴾ سخرنا ﴿لسليمانَ الريحَ﴾ وهي الصبا، ﴿غُدُوُّها شهرٌ ورَوَاحُهَا شهرٌ﴾ أي : جريها بالغد مسيرة شهر، إلى نصف النهار، وجريها بالعشي كذلك. فتسير في يوم واحد مسيرة شهرين. وكان يغدو من دمشق، مكان داره، فيقيل بإصطخر فارس، وبينهما مسيرة شهر، ويروح من إصطخر فيبيت بكابُل، وبينهما مسيرة شهر للراكب المسرع. وقيل : كان يتغذّى بالريّ، ويتعشّى بسمرقند. وعن الحسن : لَمَّا عقر
٦٧
سليمان الخيل، غضباً لله تعالى، أبدله الله خيراً منها الريح، تجري بأمره حيث شاء، غدوها شهر ورواحها شهر. هـ.
قال ابن زيد : كان لسليمان مركب من خشب، وكان فيه ألف ركن، في كل ركن ألف بيت معه، فيه الجن والإنس، تحت كل ركن ألف شيطان، يرفعون ذلك المركب، فإذا ارتفع أتت الريح الرخاء فتسير به وبهم. قلت : وقد تقدّم أن العاصفة هي التي ترفعه، والرخاء تسير به، وهو أصح. ثم قال : فتقيل عند قوم، وتُمسي عند قوم، وبينهما شهر، فلا يدري القوم إلا وقد أظلّهم، معه الجيوش.
ويُروى أن سليمان سار من أرض العراق، فقال بمدينة مرو، وصلّى العصر بمدينة بلخ، تحمله الريح، وتظله الطير، ثم سار من بلخ متخللاً بلاد الترك، ثم سار به إلى أرض الصين، ثم عطف يُمنة على مطلع الشمس، على ساحل البحر، حتى أتى أرض فارس، فنزلها أياماً، وغدا منها فقال بكسكر، ثم راح إلى اليمن، وكان مستقره بها بمدينة تدْمُر، وقد كان أمر الشياطين قبل شخوصه من الشام إلى العراق، فبنوها له بالصفاح، والعُمد، والرخام الأبيض والأصفر. هـ.
قلت : وذكر أبو السعود في سورة " ص " أنه غزا بلاد المغرب الأندلسي وطنجة وغيرهما، والله تعالى أعلم. ووُجدت هذه الأبيات منقورة في صخرة بأرض كسكر، أنشأها بعض أصحاب سليمان عليه السلام :
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٦٧
وَنَحْنُُ ولا حَوْلَ سِوََى حَوْلِ رَبّّنا