قال وهب : وكانوا يزعمون أنهم يجدون في عِلْمِهم وكهانتهم أنهم يُخرب سدهم فأرة، فلم يتركوا فرجة بين صخرتين إلا ربطوا عندها هِرًّا، فلما حان ما أراد الله بهم، أقبلت فأرة حمراء، إلى بعض الهِرَر، فساورتها ـ أي : حاربتها، حتى استأخرت عنها ـ أي : عن تلك الفرجة ـ الهرة، فدخلت في الفرجة التي كانت عندها، ونقبت السد، حتى أوهنته للسيل، وهم لا يدرون، فلما جاء السيل دخل في تلك الخلل، حتى بلغ السد، فخربه، وفاض على أموالهم، فغرقتها، ودفن بيوتهم، ومُزقوا، حتى صاروا مثلاً عند العرب، فقالوا : تفرّقوا أياديَ سبأ. هـ.
﴿وبدلناهم بجنتيهم﴾ المذكورتين ﴿جنتين﴾ أخريَيْن. وتسمية المبدلتين جنتين للمشاكلة وازدواج الكلام، كقوله :﴿وجَزَآؤُاْ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا﴾ [الشورى : ٤٠]. ﴿ذواتي أُكُل خَمْطٍ﴾ الأُكل : الثمر المأكول، يخفف ويثقل. والخمط، قال ابن عباس : شجر الأراك، وقال أبو عبيد : كل شجر مؤذ مشوِّك. وقال الزجاج : كل شجر مُر. هـ. وفي القاموس : الخمط : الحامض المر من كل شيء، وكل نبت أخذ طعماً من مرارة وحموضة، وشجر كالسدر، وشجر قاتل، أو كل شجر لا شوك له. هـ. وقرأ البصريان بالإضافة، من إضافة الشيء إلى جنسه، كثوب خز ؛ لأن المراد بالأكل المأكول، أي : ذواتي ثمر شجر بشيع. والباقون : بالتنوين، عطف بيان، أو صفة، بتأويل خمط ببشيع، أي : مأكول بشيع. ﴿وأثْلٍ﴾ هو شجر يشبه الطرفاء، أعظم منه، وأجود عوداً. ﴿وشيءٍ من سِدْرٍ قليل﴾ والحاصل أن الله تعالى أهلك أشجارهم المثمرة، وأنبت مكانها الطرفاء والسدر. وإنما قال : السدر، لأنه أكرمُ ما بُدلوا به ؛ لأنه يكون في الجنان.
﴿ذلك جزيناهم بما كفروا﴾ أي : جزيناهم ذلك بكفرهم، فذلك مفعول مطلق بجزينا، ﴿وهل يُجازى﴾ هذا الجزاء
٧٥


الصفحة التالية
Icon