قال القشيري :﴿قل يجمع بيننا ربنا﴾ أخبر سبحانه أنه يجمع بين عباده، ثم يعاملهم
٨٢
في حال اجتماعهم، بغير ما يعاملهم في حال افتراقهم، وللاجتماع أثرٌ كبيرٌ في الشريعة، وللصلاة في الجماعة أثر مخصوص. ثم قال : وللشيوخ في الاجتماع زوائد، ويستروحون إلى هذه الآية :﴿قل يجمع بينا ربنا ثم يفتح...﴾. هـ.
ولمَّا ذكر ما منّ به على داود وسليمان، وذكر وبال مَن لم يشكر النعم، ذكر ما منّ به على نبينا محمد ﷺ من عموم الرسالة والدعوة.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٨١
قلت :" كافة " : حال من " الناس "، على قول الفارسي وابن جني وابن كيسان، واختاره ابن مالك. وقال الأكثر : إنه حال من الكاف، والتاء للمبالغة، وما قاله ابن مالك أحسن. انظر الأزهري.
يقول الحق جلّ جلاله :﴿وما أرسلناك إلا كافةً للناس﴾ أي : جميعاً، إنسهم وجِنّهم، عَربيهم وعجميهم، أحمرهم وأسودهم. وقدّم الحال للاهتمام. قال ﷺ :" أُعطيتُ خمساً لم يُعطهنّ أحدٌ قبلي : بُعثتُ إلى الأحمر والأسود، وجُعلتْ لي الأرضُ مسجداً وطهوراً، وأُحلّت لي الغنائمُ، ولم تُحل لأحدٍ قبلي، ونُصِرْتُ بالرُّعْبِ مسيرة شهر، وأُعطيتُ الشفاعة، فادخرتها لأمتي يوم القيامة، وهي إن شاء الله نائلة مَن لا يشرك بالله شيئاً ". أو : وما أرسلناك إلا رسالة عامة لهم، محيطة بهم ؛ لأنها إذا عمتهم فقد كفتهم أن يخرج منها أحد. وقال الزجاج : معنى الكافة في اللغة : الإحاطة، والمعنى : أرسلناك جامعاً للناس في الإنذار والإبلاغ، على أنه حال من الكاف، والتاء للمبالغة، كالراوية والعلاّمة. حال كونك ﴿بشيراً﴾ بالفضل العظيم لمن أقر، ﴿ونذيراً﴾ بالعذاب لمن أصرّ، ﴿ولكنَّ أكثرَ الناس﴾ أي : الكفرة، ﴿لا يعلمون﴾ ذلك، فيحملهم جهلهم على مخالفتك.


الصفحة التالية
Icon