التربية على يد المشايخ، يقع له هذا الخصام، مع مَن صدّهم من ضعفاء الناس، حيث يرتفع المقربون، ويسقط الغافلون من تلك المراتب، فيقع الندم والتحسُّر، ويتبرأ الرؤساء من المرؤوسين من عامة أهل اليمين. قال القشيري : وهكذا أصحابُ الزلاتِ، الأخلاء في الفساد ـ أي : يتبرأ بعضهم من بعض ـ وكذلك الجوارحُ والأعضاء، يشهد بعضها على بعض، اليدُ تقول للجملة : أخذت، العين تقول : أبْصرت، والاختلاف في الجملة عقوبة. ومَنْ عمل بالمعاصي أخرج الله عليه مَن كان أطوع له، ولكنهم لا يعلمون ذلك. ولو علموا لاعتذروا، ولو اعتذروا لتابوا وتوقفوا، ولكن ليقضي الله أمراً كان مفعولاً. هـ.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٨٤
يقول الحق جلّ جلاله :﴿وما أرسلنا في قريةٍ من نذيرٍ﴾ رسول ﴿إِلا قال مُتْرَفُوهَا﴾ : متنعّموها، ورؤساؤها :﴿إِنا بما أُرسلتم به كافرون﴾ فهذه تسليةٌ لرسول الله ﷺ مما لقي من رؤساء قومه من التكذيب، والكفر بما جاء به، وأنه لم يرسل قطّ إلى أهل قرية من نذير إلا قالوا له مثل ما قال لرسول الله ﷺ أهلُ مكة. وتخصيص المتنعمين بالتكذيب ؛ لأن الداعي إلى التكبُّر، وعدم الخضوع للغير ؛ هو الانهماك في الشهوات، والاستهانة بمَن لم يحظَ بها، جهلاً، ولذلك افتخروا بالأموال الفانية، كما قال تعالى :


الصفحة التالية
Icon