﴿وقالوا﴾ بعد دخولهم الجنة :﴿الحمدُ لله الذي أذْهَبَ عنا الحزَن﴾ خوف النار، أو : خوف الموت، أو : الخاتمة، أو : هَم الرزق. والتحقيق : أنه يعم جميع الأحزان والهموم، دنيوية أو أخروية، وعن ابن عمر : قال النبي ﷺ :" ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة، في قبورهم، ولا في محشرهم، وكأني بأهل لا إله إلا الله يخرجون من قبورهم، وهم ينفضون التراب عن وجوههم، فيقولون : الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن " ﴿إِنَّ
١٢٤
ربنا لغفور شكور﴾ يغفر الجنايات، وإن كثرت، ويقبل الطاعات، ويشكر عاملها، وإن قلَّت. ﴿الذي أحللنا دارَ المُقَامة﴾ أي : دار الإقامة لا نبرح عنها ولا نُفارقها. يقال : أقمت إقامة ومقاماً ومقامة، ﴿من فضلِهِ﴾ أي : من عطائه وإفضاله، لا باستحقاق أعمالنا، ﴿لا يمسنا فيها نَصَبٌ﴾ تعب ومشقة ﴿ولا يمسنا فيها لُغُوبٌ﴾ إعياء وكَلَلَ من التعب، وفترة ؛ إذ لا تكليف فيها ولا كد. نفى عنهم أولاً التعب والمشقة، وثانياً ما يتبعه من الإعياء والملل.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٢٣
وأخرج البيهقي : أن رجلاً قال يا رسول الله : إن النوم مما يُقِرُّ الله به أعيننا، فهل في الجنة من نوم ؟ فقال :" إن النوم شريك الموت - أو أخو الموت ـ وإن أهل الجنة لا ينامون ـ أو : ليس في الجنة موت " وفي رواية أخرى، قال : فما راحتهم ؟ قال :" ليس فيها لغوب، كل أمرهم راحة "، فالنوم ينشأ من نصب الأبدان، ومِن ثِقل الطعام، وكلاهما منتفيان في الجنة.