وقيل : نزلت في بني مخزوم، وذلك أن أبا جهل حلف : لئن رأى محمداً يصلّي ليرضخنَّ رأسه، فأتاه وهو يصلّي، ومعه حجر، فلما رفع يده انثنت إلى عنقه، ولزق الحجرُ بيده، حتى فكّوه عنها بجَهد، فرجع إلى قومه، فأخبرهم، فقال مخزوميّ : أنا أقتله بهذا الحجر، فذهب، فأعمى الله بصره، فلم يَر النبيَّ ﷺ، وسمع قوله، فرجع إلى أصحابه، ولم يرهم حتى نادوه. وقيل : هي ذكر حالهم في الآخرة، وحين يدخلون النار، فتكون حقيقة. فالأغلال في أعناقهم، والنار محيطة بهم. والأول أرجح وأنسب ؛ لقوله :﴿وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون﴾ أي : الإنذار وتركه في حقهم سواء ؛ إذ لا هادي لمَن أضلّه الله.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٣٧
رُوي أن عمر بن عبد العزيز قرأ الآية في غيلان القدريّ، فقال غيلان : كأني لم أقرأها قط، أُشهِدك أني تائب عن قولي في القدر. فقال عمر : اللهم إِنْ صَدَقَ فتُبْ عليه، وإن كذب فسلّطْ عليه مَن لا يرحمه، فأخذه هشام بن عبد الملك من غده، فقطع يديه ورجليه، وصلبه على باب دمشق.
ثم ذكر مَن ينفعه الإنذار، فقال :﴿إِنما تُنْذِرُ مَن اتَّبَعَ الذِّكْرَ﴾ أي : إنما ينتفع بإنذارك مَن تبع القرآن ﴿وخَشِيَ الرحمن بالغيب﴾ وخاف عقاب الله قبل أن يراه، أو : تقول : نُزِّل
١٣٨
وجود الإنذار لمَن لم ينتفع به منزلة العدم، فمَن لم يُؤمن كأنه لم يُنذر، وإنما الإنذار لمَن انتفع به. ﴿فَبَشِّرْهُ بمغفرةٍ﴾ وهو العفو عن ذنوبه، ﴿وأجرٍ كريمٍ﴾ الجنة وما فيها.