﴿قالوا﴾ أي : الرسل ﴿طائِرُكُم﴾ سبب شؤمكم ﴿معكم﴾ وهو الكفر، ﴿أَئِن ذُكِّرتُم﴾ أي : وُعظتم، ودُعيتم إلى الإسلام تطيّرتم، وقلتم ما قلتم، ﴿بل أنتم قوم مُّسْرِفُون﴾ مجاوزون الحد في العصيان، فمن ثَمَّ أتاكم الشؤم، لا من قِبَلِ الرسل. أو : بل أنتم قوم مسرفون في ضلالكم وغيّكم، حيث تتشاءمون بمَن يجب التبرُّك به من رسل الله عليهم الصلاة والسلام.
الإشارة : إذا أرسل الله إلى قلب وليٍّ وارداً أولاً، ثم شكّ فيه، وَدَفَعَهُ، ثم أرسل ثانياً وَدَفَعَه، ثم عزّزه بثالث، وجب تصديقه والعمل بما يقول، وإلا وقع في العنت وسوء الأدب ؛ لأن القلب إذا صفى من الأكدار لا يتجلّى فيه إلا الحق، وإلا وجب اتهامه، حتى يتبين وجهه. وباقي الآية فيه تسلية لمن قُوبل بالتكذيب من الأولياء والصالحين. وبالله التوفيق.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٤٠
يقول الحق جلّ جلاله :﴿وجاء من أقصى المدينةِ رجل يسعى﴾ وهو حبيب النجار، وكان في غارٍ من الجبل يعبد الله، فلما بلغه خبر الرسل أتاهم، وأظهر دينه. قال القشيري : في القصة أنه جاء من قرية فسمَّاها مدينة، وقال : من أقصاها، ولم يكن بينهما تفاوت كثير، وكذلك أجرى سُنَّته في استكثار القليل من فِعْلِ عَبْدِه، إذا كان يرضاه، ويستنزِرُ الكثيرَ من فضله إذا بَذَلَه وأعطاه. هـ.
١٤٢


الصفحة التالية
Icon