﴿سبحانَ الذي خلق الأزواجَ﴾ الأصناف ﴿كُلَّها مما تُنبتُ الأرضُ﴾ من النخيل، والشجر، والزرع، والثمار، كيف جعلها مختلفة في الطعوم، والروائح، والشكل، والهيئة، واختلاف أوراق الأشجار، وفنون أغصانها، وأصناف نورها وأزهارها، واختلاف أشكال ثمارها، في تفرُّدها واجتماعها، مع ما بسط فيها من الطبائع الأربع : من الحرورة، والبرودة، والرطوبة، واليبوسة، وما فيها من المنافع المتنوعة. ﴿ومن أنفسِهم﴾ الأولاد ؛ ذكوراً وإناثاً، ﴿ومما لا يعلمون﴾ من أصنافٍ لم يُطلعهم الله عليها، ولم يتوصَّلوا إلى معرفتها، ففي البحار عجائب لا يعلمها الناس. قال تعالى :﴿وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾ [النحل : ٨]. وفائدة التنزيه : نفي تشبيه الذات بشيء من هذه الأزواج. والله تعالى أعلم.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٤٥
قال القشيري : والعَجَبُ مِمَّن يُنكر أصول الدين، ويقول : ليس في الكتاب عليه دليل، وأكثر ما في القرآن من الآيات تدل على سبيل الاستدلال، ولكن يَهْدِي لنوره مَن يشاء، ولو أنهم أنصفوا واشتغلوا بأهم شيءٍ لهم ما ضيَّعوا أصول الدين، ورضوا فيها بالتقليد، وادَّعَوْا في الفروع رتبة الإمامة والتصدير، وفي معناها قيل :
يا مَنْ تصدَّرَ في دَسْتِ الإمامة من
مسائل الفقه إمْلاءً وتدْريسا
غَفَلْتَ عن حججِ التوحيد تُحْكِمُها
شيَّدتَ فرعاً وما مَهَّدتَ تأسيسا
قلت : وحاصله : مدح علم الأصول وترك علم أصل الأصل، وهو علم التوحيد
١٤٦
الخاص، أعني الشهود والعيان. وقد قلتُ في ذلك : تذليلاً :
يا مَنْ تصدّى لعلم الأصل يُحكمه
قد فاتك الذوق بالوجدان مستأنسا


الصفحة التالية
Icon