أنزلناه إليك ﴿لتُنذر به﴾ يا محمد، أو : لينذر القرآن ﴿من كان حَيًّا﴾ بالإيمان، أو عاقلاً متأملاً ؛ فإن الغافل كالميت، أو : مَن سبق في علم الله أن يحيى ؛ فإن الحياة الأبدية بالإيمان، وتخصيص الإنذار به ؛ لأنه المنتفع به، ﴿ويَحِقَّ القولُ﴾ أي : تجب كلمة العذاب ﴿على الكافرين﴾ المُصرِّين على الكفر، وجعلهم في مقابلة مَن كان حَيًّا إشعار بأنهم بكفرهم في حكم الأموات، كقوله :﴿ومَآ أَنتَ بِمُسْمَعٍ مَّن فِى الْقُبُورِ﴾ [فاطر : ٢٢].
الإشارة : أما النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ فنفى الله عنه صنعة الشِّعر، والقوة عليه، لئلا يُتهم فيما يقوله، وأما الأولياء فكثير منهم تكون له القوة عليه، ويصرف ذلك في أمداح الخمرة الأزلية، والحضرة القدسية، أو في الحضرة النبوية، وينالون بذلك تقريباً، ورتبة كبيرة، وأما قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ :" لأنْ يمتَلىءَ جَوْفُ أحدِكم قَيْحاً يَرِيهُ خَيرٌ من أن يمتَلىء شِعْراً " فالمراد به شعر الهوى، الذي يشغل عن ذكر الله، أو يصرف القلب عن حضرة الله. قيل لعائشة رضي الله عنها : أكان رسول الله ﷺ يتمثّل بشيء من الشعر ؟ فقالت : لم يتمثّل بشيء من الشعر إلا بيت طرفة، أخي بني قيس :
١٥٩
سَتُبْدِي لَكَ الأَيَّامُ ما كُنتَ جاهلاً
وَيَأتِيكَ بالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوَّدِ
وربما عكسه فقال :" ويأتيك مَن لم تزود بالأخبار ". وبالله التوفيق.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٥٨


الصفحة التالية
Icon