قالوا} أي : الرؤساء :﴿بل لم تكونوا مؤمنين﴾ أي : بل أنتم أبيتم الإيمان، وأعرضتم عنه مع تمكُّنكم منه، مختارين للكفر، غير ملجئين إليه، أو : بل أنتم سبقت منكم الضلالة على إغوائنا، وإنما نشأ عن إغوائنا دوام كُفركم لا استئنافه. ﴿وما كان لنا عليكم من سلطانٍ﴾ وقهر، نسلبكم به تمكُّنكم واختياركم، ﴿بل كنتم قوماً طاغين﴾ أي : بل كنتم قوماً مختارين للطغيان، ﴿فحقَّ علينا﴾ أي : لزمنا جميعاً ﴿قولُ ربِّنا إِنا لذائقون﴾ يعني : حقت علينا كلمتُه بأنا ذائقون لعذابه. ولو حكى الوعيد على ما هو لقال : إنكم لذائقون، لكنه عدل به إلى لفظ المتكلم ؛ لأنهم يتكلّمون بذلك على أنفسهم. ثم قالوا لضعفائهم :﴿فأغويناكم﴾ فدعوناكم إلى الغي ﴿إِنا كنا غَاوِينَ﴾ فأردنا إغواءكم لتكونوا مثلنا، ﴿فإِنهم﴾ أي : الأتباع والمتبوعين جميعاً، ﴿في العذاب يومئذٍ مشترِكون﴾ كما كانوا مشتركين في الغواية. ﴿إِنا كذلك نفعل بالمجرمين﴾ المشركين، أي : مثل ذلك الفعل نفعل بكل مجرم.
الإشارة : ويقال على طريق العكس : احْشُروا الذين أحسنوا واتقوا ربهم، وأزواجهم، ومَن انتسب إليهم، فاهدوهم إلى طريق الجنان، وقِفوهم يشفعوا فيمن تعلّق بهم، إنهم مسؤولون عن أصحابهم وعشائرهم، حتى يخلصوهم من ورطة الحساب. ما لكم لا تناصرون، فينصر بعضكم بعضاً في هذا الموطن الهائل، بل هم اليوم منقادون لأمر
١٧٠
الله، حتى يأذن لهم في الشفاعة. وفي الحديث :" اتَّخِذُوا يداً عند الفقراءِ، فإن لهم دَوْلَة يومَ القيامة " ودولتهم : الشفاعة فيمن أحبهم وأحسن إليهم. والفقراء هم المتوجهون إلى الله تعالى، حتى وصلوا إلى حضرته، ومَن صَدّ الناسَ عن طريقه وصحبتهم، يتعلّق به المخذول عنهم، فيقول له :﴿إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين...﴾ الآية.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٦٩


الصفحة التالية
Icon