﴿وتركنا عليه في الآخِرِين﴾ أي : وأبقينا عليه الثناء الحسن في الأمم الآخِرِين، الذين يأتون بعده من الأنبياء والأمم إلى يوم القيامة، ﴿سلامٌ على نوح﴾ : مبتدأ وخبر، استئناف، ﴿في العالمين﴾ يعني : أنهم يُسلمون عليه تسليماً، ويدعون له، أي : ثبتت هذه التحية فيهم، ولا يخلو أحد منهم منها، كأنَّ الله أثبت التسليم على نوح وأدامه في الملائكة والثقلين، يسلّمون عليه عن آخرهم. ﴿إِنا كذلك نجزي المحسنين﴾ فنُكرمهم ونُحييهم، وهو تعليل لما فعل بنوح من التكرمة السنية، بأنه مجازاة له على إحسانه، ﴿إِنه من عبادنا المؤمنين﴾ علّل كونه محسناً بأنه كان عبداً مؤمناً ؛ ليريك جلاله محلّ الإيمان. ﴿ثم أغرقنا الآخَرِين﴾ أي : الكافرين.
ذكر في كتاب حياة الحيوان، عن القشيري : أن العقرب والحية أتيا نوحاً عليه السلام فقالتا : احملنا معك، ونحن نعاهدك ألا نضر أحداً ذكرك، فحملهما. فمَن قرأ، حين يخاف مضرتهما، حين يمسي وحين يصبح : سلام على نوح في العالمين، ومحمد في المرسلين، إنا كذلك نجزي المحسنين، إنه من عبادنا المؤمنين، ما ضرتاه. هـ. وقال نبينا عليه الصلاة والسلام :" مَن قال حين يُمسي وحين يُصبح : أعوذ بكلمات الله
١٧٨
التامات من شرِّ ما خَلَقَ، لم يضره شيء ". الإشارة : إذا تحقق الإيمان والإحسان في عبد أُعطي ثلاث خصال : نفوذ الدعوة، والثناء الحسن بعده، والبركة في الذرية، كل ذلك مقتبس من قضية نوح عليه السلام.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٧٨


الصفحة التالية
Icon