سُنَّة في الرمي. قلت : والجمهور : أن الشيطان تعرض له عند ذهابه لذبح ولده، ثلاث مرات، فرماه سبع حصات عند كل مرة، فبقيت سُنَّة في الرمي. ورُوي أنه لما ذبحه، قال جبريل : الله أكبر، فقال الذبيح : لا إله إلا الله، والله أكبر، فقال إبراهيم : الله أكبر ولله الحمد، فبقيت سُنَّة صبيحة العيد.
قال البيضاوي : واحتج به من جوّز النسخ قبل الفعل، فإنه عليه السلام كان مأموراً بالذبح، لقوله :﴿افعل ما تؤمر﴾ ولم يحصل. هـ. قال سيدي عبد الرحمن الفاسي في الحاشية : وَلَمَّا بذل إبراهيم وسعه، وفعل ما يفعله الذابح من ضجعه على شقه، وإمرار الشفرة على حلقه، لم يكن هذا من النسخ قبل الفعل، وإن كان ورود النسخ قبل الفعل جائز، لكن هذه الآية ليست منه في شيء ؛ لأنه عليه السلام باشر الفعل بقدر الإمكان وبذل المجهود، ولم يكن منه تقصر، ولو لم يمنع مانع القدرة الإلهية لتمّ الذبح المأمور به، لهذا قال تعالى :﴿صَدَّقْتَ الرؤيا﴾ وإنما احتيج إلى الفداء لتحصيل حقيقة الذبح فيه نيابة عن المفدي شرعاً، وعلامة على غاية القبول والرضا عنهما، وعوض عن ذلك ما هو كرامة لهما، ولمَن بعدهما إلى غابر الدهر. هـ.
وقيل : إن هذه الآية نُسخ بها الأمر بالذبح قبل التمكين من الفعل، بناءً على أن إبراهيم لم يمر الآلة. وعزاه المحلي في جميع الجوامع لمذهب أهل السنة. وعليه ينزل الفداء، ثم قال : والحق : إن الآية من المنسخ قبل تمام الفعل وكماله، لا قبل الأخذ فيه ومعالجته. ثم اعترض كلام ابن عطية، وقال : فيه تدافع، فانظره.
﴿وتركنا عليه في الآخِرِين﴾ أي : الثناء الحسن في الأمم الآخرين، ﴿سلامٌ على إبراهيم﴾ سبق بيانه في نوح ﴿كذلك نجزي المحسنين﴾ لم يقل : إنا كذلك، هنا، كما في غيره ؛ لأنه قد سبق في القصة، فاكتفى هنا عن ذكره. ﴿إِنه من عبادنا المؤمنين﴾ فيه تنويه بشأن الإيمان ؛ لأنه أساس لكل ما يُبنى عليه من معرفةٍ وإحسان.


الصفحة التالية
Icon