الإشارة : يُؤخذ من قوله تعالى :﴿ألا تتقون أتدعون بعلاً...﴾ الخ، أن مدار التقوى هو توحيد الله، والانحياش إليه، والبُعد عن كل ما سواه، والرجوع إلى الله في كل شيء، والاعتماد عليه في كل حال. ويؤخذ من قوله :﴿سلام على آل ياسين﴾ في قراءة المد، أن الرجل الصالح ينتفع به أهله وأقاربه، وهو كذلك ؛ فإن عَظُمَ صلاحه تعدّت منفعته إلى جيرانه وقبيلته، فإذا كبر جاهه شفع في الوجود بأسره.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٨٨
يقول الحق جلّ جلاله :﴿وإِنَّ لوطاً لمنَ المرسلين إِذ نجيناه﴾ أي : واذكر إذ نجيناه ﴿وأهلَه أجمعين إِلا عجوزاً في الغابرين﴾ في الباقين ؛ لأنها شاركتهم في عصيانهم، فحقّ عليهم العذاب مثل ما حقّ عليهم، ﴿ثم دمرنا﴾ : أهلكنا ﴿الآخَرِين وإِنكم لتَمُرُّونَ عليهم مُصبحينَ﴾ داخلين في الصباح، ﴿وبالليلِ﴾ أي : ومساء، أو : نهاراً وليلاً. ولعل مدينتهم الخالية كانت قريب منزل ينزل به المسافر، فيغدو منه ذهاباً، ويروح إليه إياباً، فكانت قريش تنزل به وتروح عنه في متاجرهم إلى الشام، فتشاهد آثارهم الدارسة، وديارهم الخالية. ﴿أفلا تعقِلون﴾ أفما فيكم عقول تعتبرون بها ؟ وإنما لم يختم قصة لوط ويونس بالسلام، كما ختم قصص مَن قبلهما ؛ لأن الله تعالى قد سَلَّمَ على جميع المرسلين في آخر السورة، أو : تفرقة بينهما وبين أرباب الشرائع، من أُولي العزم.
الإشارة : ينبغي لمَن له عقل إذا مرَّ بآثار مَن سلف قبله أن يعتبر، وينظر كيف كان حالهم، وإلى ما صار إليه مآلهم، وأنه عن قريب لا حق بهم، فيتأهّب للسفر، ويتزوّد للمسير. وبالله التوفيق.
١٨٩
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٨٩


الصفحة التالية
Icon