الإشارة : الحق تعالى في عالم القدرة منزَّه عن الولد والصاحبة، وتصور الأثنينية، وإنما سر الازدواج والتولد خاص بعالم الحكمة في حضرة الأشباح، فليكن للعارف عينان عين تنظر لعالم القدرة في حضرة أسرار الذات، فتوحّد الله، وتنزهه عن الاثنينية، وعين تنظر لعالم الحكمة، فتثبت سر الازدواج والتولد في حضرة الأشباح، والمظهر واحد، ولا يفهم هذا إلا الأفراد من البحرية، الذين خاضوا بحر أحدية الذات وتيار الصفات، فحطَّ رأسك لهم، إن أردت أن تذوق هذه الأسرار. وإلا فسلّم تسلم.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٩٢
يقول الحق جلّ جلاله :﴿فإِنكم﴾ أيها المشركون ﴿وما تعبدون﴾ أي : ومعبوديكم، ﴿ما أنتم﴾ وهم جميعاً ﴿عليه﴾ على الله ﴿بفاتِنين﴾ بمضلّين، ﴿إِلا من هو صَالِ الجحيم﴾ أي : إلا مَن سبق في علمه أنه من أهل النار. والمعنى : إنكم لستم تضلُّون أحداً إلا أصحاب النار، الذين سبق في علمه أنهم يستوجبون بأعمالهم النار، يقال : فتن فلانٌ على فلانٍ امرأته : أفسدها عليه. وقال الحسن : فإنكم أيها القائلون لهذا القول والذي تعبدونه من الأصنام، ما أنتم على عبادة الأصنام بمضلّين أحداً، إلا مَن أوجبتُ عليه الضلال في السابقة. هـ. وفيها دليل للقدر، بل هي صريحة فيه. و " ما " في " أنتم " : نافية، و " مَن " : في موضع النصب بفاتنين، على الاستثناء المفرغ، أي : لا تفتنون إلا الذي هو صالي الجحيم. وحذفت الياء في الرسم اكتفاء بالكسرة، وقرأ الحسن :" صالُ الجحيم " بضم اللام ـ ووجهه : أنه جمْع، فحذفت النون للإضافة. والواو لالتقاء الساكنين، و " مَن " مفرد في اللفظ، جمع في المعنى، فحمل " هو " على اللفظ، و " الصالون " على المعنى.


الصفحة التالية
Icon