ونص البيضاوي في قوله تعالى :﴿قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ﴾ [البقرة : ٣٣] الآية : إنَّ علوم الملائكة وكمالاتهم تقبل الزيادة، والحكماء مَنعوا ذلك في الطبقات العليا منهم، وحملوا عليه قوله تعالى :﴿وما منا إِلا له مقام معلوم﴾. هـ. قلت : ترقي الآدمي هو انتقاله من مقام إلى مقام، حتى يُكاشف بأسرار الذات وأنوار الصفات، ثم لا يزال يترقى في الأذواق والكشوفات، يتجدّد له في كل يوم وساعة، حلاوة وكشف لم تكن عنده قبلُ، بخلاف الملائكة، فإنما يترقى كل واحد في كشف أسرار مقامه، ويجد حلاوة في ذلك المقام لم تكن له قبلُ، ولا ينتقل عنه، فمَن كان من أهل الخدمة زاده الله حلاوتها. ومَن كان من أهل المراقبة فكذلك. ومَن كان من أهل المشاهدة غلب عليه السكر والهذيان، ولا يزيد على ذلك. وهم الطبقة العليا، فلا منافاة بين كلام القوت وكلام البيضاوي ؛ لأن الترقي إنما هو في الأذواق والكشوفات، لا في العلوم الغيبية، ولا في الكمالات النفسية. فتأمله.