جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢١٥
العاشر : التبري، وهو أن يتبرأ من حوله، وقوته، والالتفات إلى نفسه بعين الرضا. انظر بقية كلامه فقد اختصرناه غاية.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢١٥
يقول الحق جلّ جلاله :﴿ووهبنا لداودَ سليمانَ نِعْمَ العبدُ﴾ أي : سليمان، فهو المخصوص، ﴿إِنه أوابٌ﴾ أي : رجَّاع إلى الله تعالى في السرّاء والضراء، وفي كل أموره، ﴿إِذ عُرِضَ عليه﴾ أي : واذكر ما صدر عنه حين عُرض عليه ﴿بالعشِيّ﴾ ؛ وهو ما بين الظهر إلى آخر النهار، ﴿الصافناتُ الجياد﴾ أي : الخيل الصافنات، وهي التي تقوم على طرف سنبك يدٍ أو رِجل. وهي من الصفات المحمودة، لا تكاد توجد إلا في الخيل العِراب، الخُلَّص. وقيل : هو الذي يجمع يديه ويستبق بهما، والجياد : جمع جواد، أو : جود، وهو الذي يسرع في جريه، أو : الذي يجود عند الركض، وقيل : وصفت بالصفون والجودة ؛ لبيان جمعها بين الوصفين المحمودين، واقفة وجارية، أي : إذا وقفت كانت
٢١٧
ساكنة، وإذا جرت كانت سِراعاً خفافاً في جريها.
رُوي أنه عليه السلام غزا أهل دمشق ونصيبين، وأصاب ألف فرس، وقيل : أصابها أبوه من العمالقة، وورثها منه، وفيه نظر ؛ فإن الأنبياء لا يورثون، إلا أن يكون تركها حبساً، فورث النظر فيها. ويكون عقرها بنية إبدالها. وقيل : خرجت من البحر لها أجنحة، فقعد يوماً بعدما صلّى الظهر على كرسيه، فاستعرضها، فلم تزل تُعرض عليه حتى غربت الشمس، وغفل عن العصر، أو : عن الوِرد، كان له من الذكْر وقتئذ، وهو أليق بالعصمة، فاغتم لِما فاته، فاستردها، فعقرها، تقرُّباً إلى الله تعالى، وبقي مائة، فما في أيدي الناس اليوم مِن الجياد فمِن نسلها.