وقوله تعالى :﴿فَطَفِقَ مَسْحاً بالسُوق﴾، فيه : أن مَن ترك شيئاً عوَّضه الله خيراً منه، فمَن كان في الله تلفه، كان على الله خلفه، وفيه حجة للصوفية على إتلاف كل ما شغل
٢١٨
القلب عن الله، كما فعل الشبلي من تمزيق الثياب الرفهة. والله تعالى أعلم.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢١٧
يقول الحق جلّ جلاله :﴿ولقد فتنَّا سليمانَ﴾ أي : ابتليناه، ﴿وألقينا على كرسيه﴾ ؛ سرير ملكه، ﴿جسداً﴾ ؛ شق ولد، أو جِنياً، ﴿ثم أنابَ﴾ ؛ رجع إلى الله تعالى، وأظهر ما قيل في فتنته عليه السلام ما رُوي مرفوعاً : أنه قال : لأطُوفَنَّ الليلةَ على سبعين ـ أو تسع وتسعين ـ امرأةً، تأتي كل واحدة منهن بفارس، يُجاهد في سبيل الله، ولم يقل " إن شاء الله " فطاف عليهنَّ، فلم تحمل إلا امرأة واحدة، جاءت بشقّ رجل. قال نبينا عليه الصلاة والسلام :" والذي نفسي بيده لو قال : إن شاء اللهُ، لجاهدوا في سبيل الله فُرساناً أجمعون " فالفتنة على هذا : كونه لم يقل :" إن شاء الله " والجسد هو شق الإنسان الذي وُلد له. وقيل : إنه ولد له ابن، فأجْمعَت الشياطين على قتله، وقالوا : إن عاش له ولد لم ننفك من خدمته، فلمَّا عَلِمَ ذلك، حمله في السحاب، فما شعر حتى ألقي على كرسيه جسداً ميتاً، فتنبّه لخطئه، حيث لم يتوكل على الله.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢١٩


الصفحة التالية
Icon