﴿قال أنا خير منه﴾، ولا يليق أن يسجد الفاضل للمفضول، كقوله :﴿لَمْ أَكُن لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ﴾ [الحجر : ٣٠]، وبيَّن فضيلته في زعمه بقوله :﴿خلقتني من نارٍ وخلقته من طينٍ﴾، يعني لو كان مخلوقاً من نار لَمَا سجدتُ له ؛ لأنه مخلوق مثلي، فكيف أسجد لمَن هو دوني ؛ لأنه طين، والنار تغلب الطين وتأكله، ولقد أخطأ اللعين، حين خَصَّ الفضل بما من جهة المادة والعنصر، وغاب عنه ما من جهة الفاعل، كما أنبأ عنه قوله تعالى :﴿لِما خلقتُ بيدي﴾، وما من جهة الصورة كما نبّه عليه قوله تعالى :﴿ونفخت فيه من روحي﴾، وما من جهة الغاية، وهو ما خصَّه به من علوم الحكمة، التي ظهرت بها مزيته على الملائكة، حتى أُمروا بالسجود، لما ظهر أنه أعلم منهم بما تدور عليه أمر الخلافة في الأرض، وأن له خواص ليست لغيره.
﴿
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٣١
قال فاخرجْ منها﴾ ؛ من الجنة، أو : من زمرة الملائكة، وهو المراد بالأمر بالهبوط، أو : من السموات، أو : من الخِلقة التي أنت فيها، وانسلخ منها، فإنه كان يفتخر بخلقته، فغيّر الله خلقته، فاسودّ بعدما كان أبيض، وقبح بعدما كان حسناً، وأظلم بعدما كان نورانياً. ﴿فإِنك رجيم﴾ أي : مرجوم، مطرود، من كل خير وكرامة. أو : شيطان يُرجم بالشُهب.