يعني لوحدته وقهره، كما رمز إلى ذلك بذكر الاسمين، أي : الواحد القهّار، وهما عاملان في كل مخلوق، ومحال تعطيلهما بالتبني المقتضي للجنسية، المباينة للوحدانية والقهر، فلا يمكن إلا العبودية، عقلاً، ونقلاً، وحقيقة، وهذا أشد من كلام ابن عطية، فإنه جوّز اتخاذه على جهة التشريف والتبني عقلاً، وإن امتنع شرعاً، لعموم آية :﴿وَمَا يَنبَغِى لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً﴾ [مريم : ٩٢] ؛ لاتخاذ النسل المستحيل عقلاً ونقلاً، ولاتخاذ الاصطفاء الممتنع شرعاً. وهو أيضاً أشدُّ من كلام الزمخشري، حيث قال : معنى الآية : لو أراد الله اتخاذ الولد لامتنع ذلك، ولكنه يصطفي مَن يشاء من عباده، على وجه الاختصاص والتقريب، لا على وجه اتخاذه ولداً. هـ. فأجمل في الامتناع، وإن كان المتبادر منه شمول القسمين، وكذا قرر جواب " لو "، أي : لامتنع، وجعل قوله :﴿لاصطفى﴾ الذي هو ظاهر في كونه جواباً غير جواب " بل " على معنى الاستئناف، وهو خلاف المطروق والمفهوم من جري الكلام. والله أعلم.
وما ذكره الزمخشري أيضاً من الامتناع مع الإرادة هو فرض لتعلُّق الإرادة بالممتنع، وهي إنما تتعلق بالجائز، ويحتمل بناؤه على مذهبه الفاسد في إرادة بعض ما لم يقع، وهو شنيع مذهبه، بل ويلزمه عود القهر عليه ـ تعالى عن ذلك، وهو الله الواحد القهّار، فكيف يريد ويمتنع ما يريده ؟ ! هل ذلك إلا عين القهر ؟ تعالى عن ذلك علوّاً كبيراً. هـ.