جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٧٨
يقول الحق جلّ جلاله :﴿وما قَدرُوا اللهَ حقَّ قَدْرِه﴾ أي : ما عظَّموه حق تعظيمه ؛ حيث جعلوا له شريكاً، أو وصفوه بما لا يليق بشؤونه الجليلة، أو : حيث دعوك إلى عبادة غيره تعالى، أو : ما عرفوه حق معرفته، حيث لم يؤمنوا بقدرة الله تعالى. قال ابن عباس : فمَن آمن أن الله على كل شيء قدير، فقد قدر الله حق قدره. يقال : قدرت الشيء : إذا حزرته لتعرف مبْلغه، والقدر : المقدار. والضمير، إما لقريش، المحدث عنهم، وقيل : لليهود، حيث تكلّموا في صفات الله تعالى، فألحدوا وجسّموا.
ثم بيَّن لهم شيئاً من عظمته تعالى، فقال :﴿والأرضُ جميعاً قبضَتُه يومَ القيامةِ والسماواتُ مطويات بيمينهِ﴾ : فـ " جميعاً " : حال من الأرض ؛ لأنه بمعنى الأرضين، أي : والأرضون جميعاً مقبوضة له بقدرته يوم القيامة. ﴿والسماوات مطويات بيمينه﴾ أي : بقدرته. والقبضة : المرة من القبض، والقُبْضة : المقدار المقبوض بالكف، والمراد من الكلام : تصوير عظمته تعالى، والتوقيف على كنه جلاله، وأن تخريب هذا العالم هو عليه شيء هين، على طريقة التمثيل والتخييل، من غير اعتبار القبضة واليمين حقيقة، ولا مجازاً، هكذا قال جمهور المفسرين.
قلت : لا يبعد أن تحمل الآية على ظاهرها، فإن الله تعالى يُبدل الأرض ويجمعها بأجمعها، فتكون كخبزة النقي، ويطوي السماء كطي الكتاب، حتى يبرز العرش، كما في
٢٨٠