﴿وأشرقت الأرضُ﴾ ؛ أضاءت ﴿بنور ربها﴾ حين يتجلّى لفصل عباده، فتُشرق الأرض ـ أي : عرَصَات القيامة ـ بنور وجهه، ويقال : إن الله يخلق في القيامة نوراً يلبسه وجهَ الأرض، فتشرق به. قال في الحاشية الفاسية : وهذا القول هو الذي اختاره محيي السنة، وانتصر له الطيبي، بما ورد من الأحاديث المقتضية لرؤيته في عرصات القيامة، قال : وما تعسف الزمخشري، من حمل النور على العدل، إلا فراراً من ذلك. هـ. قال القشيري : هو نور يخلقه في القيامة، عند تكوير الشمس، وانكدار النجوم، ويستضيء به قومٌ دون قوم، والكفارُ يَبْقَون في الظلمة، والمؤمنون :﴿يَسْعَى نُورُهُم﴾ [الحديد : ١٢] الآية. ويقال : غداً إشراق الأرض، واليوم إشراق القلب، غداً أنوار التولي، واليوم أنوار التجلي. هـ.
وقال السدي : بعدله، على الاستعارة، يقال للملك العادل : أشرقت الأرض بعدله، كما استعيرت الظلمة للظُلم. وفي الحديث :" الظلم ظلمات يوم القيامة ". ﴿ووُضِع الكتابُ﴾ أي : صحائف الأعمال. اكتفى باسم الجنس، أو : كتاب المحاسبة والجزاء. ﴿وجيء بالنبيين﴾ ليسألهم ربهم عما أجابتهم به أممهم، ﴿والشهداء﴾
٢٨٢
أي : الحفظة، ليشهدوا على كل إنسان بما عمل، والذين يشهدون للرسل بتبليغ الرسالة إذا جحدتهم أممهم، أو : الذين استُشهدوا في سبيل الله. ﴿وقُضِيَ بينهم﴾ : بين العباد ﴿بالحق وهم لا يُظلَمُون﴾ بنقص ثواب، أو زيادة عقاب، قال ابن عطية : الضمير في ﴿بينهم﴾ عائد على العالم بأجمعه. هـ. فيقتضي دخول الملائكة، ويتصور القضاء في حقهم، من حيث جعلوا حفظة على العباد، وأمناء على الوحي والتبليغ، وغير ذلك من ترتيبهم في مقاماتهم، وترقيهم في علومهم، وتفاوتهم في ذلك. وفي وجوه تخصيصاتهم وتصديقهم في التبليغ، ورد ما استندوا فيه لظواهر الأمور، مع علمه تعالى خلافه، مما لا اطلاعَ لهم عليه. قاله في الحاشية.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٨٢