﴿ربنا وأَدْخِلهم جناتِ عدنٍ التي وعدتَّهم﴾ إياها، ﴿ومَن صَلَحَ من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم﴾ أي : صلاحاً مصححاً لدخول الجنة في الجملة، وإن كانوا دون صلاح أصولهم، و (مَن) : عُطف على ضمير (وعدتهم)، أي : وأَدْخل معهم هؤلاء ؛ ليتم سرورهم، ويتضاعف ابتهاجهم. قال سعيد بن جبير :(يدخل الرجل الجنة، فيقول : أين أبي ؟ أين أمي ؟ أين ولدي ؟ أين زوجتي ؟ فيقال له : لم يعملوا مثل عملك، فيقول : كنتُ أعمل لي ولهم، فيقال : أَدخلوهم الجنة). وسبق الوعد بالإدخال والإلحاق لا يستدعي حصول الموعود بلا توسُّط شفاعة واستغفار، وعليه بنى قول مَن قال : فائدة الاستغفار للمنيب الكرامة والثواب. انظر أبا السعود.
﴿إِنك أنت العزيزُ الحكيم﴾ أي : الغالب الذي لا يمتنع عليه مقدور، وأنت مع مُلكك وعزتك لا تفعل شيئاً خالياً عن حكمة، وموجب حكمتك أن تفي بوعدك.
﴿وقِهمْ السيئاتِ﴾ أي : جزاء السيئات، وهو العذاب، أو المعاصي في الدنيا، ﴿ومَن تقِ السيئاتِ يومئذ فقد رَحِمْتَه﴾ أي : ومَن تقه عقاب السيئات يومئذ فقد رحمته، أو : ومَن تقه المعاصي في الدنيا فقد رحمته في الآخرة، وكأنهم طلبوا لهم السبب بعدما طلبوا المسبّب، ﴿وذلك هو الفوزُ العظيم﴾ ؛ الإشارة إلى الرحمة المفهومة من رحمته، أو : إليها وإلى الوقاية، أي : ذلك التوقي هو الفوز العظيم الذي لا مطمع وراءه لطامع.
الإشارة : العرش وحملته، والحافُّون به محمولون بلطائف القدرة ؛ لا حاملون في الحقيقة، بل لا وجود لهم مع الحق، وإنما هم شعاع من أنوار الذات الأقدس وتجلِّ من تجلياتها.