وفي قوله :﴿وربكم﴾ حث لهم على أن يقتدوا به، فيعوذوا بالله عياذتَه، ويعتصموا بالتوكل اعتصامَه، ولم يُسمّ فرعون، بل ذكره بوصف يعمه وغيره من الجبابرة ؛ لتعميم الاستعاذة، والإشعار بعلة القساوة والجرأة على الله تعالى، وهو التكبُّر. قال ابن عرفة : أشار إلى أن كفره لم يكن لأجل أن موسى لم يأتِ بدليل ولا معجزة، ولم يكن أيضاً لخفاء تلك المعجزة، وعدم ظهورها، بل كان لجحود التعنُّت والتكبُّر، والإباية عن الانحطاط من سلطنة الملك إلى رتبة الاتِّباع. هـ. وقال :﴿لا يؤمن بيوم الحساب﴾ ؛ لأنه إذا اجتمع في الرجل التجبُّر والتكذيب بالجزاء، وقلة المبالاة بالعاقبة، فقد استكمل أسباب القوة والجرأة على الله وعباده، والعياذ بالله.
الإشارة : قال القشيري : كان موسى عليه السلام أكرم خَلْقِه في وقته، وكان فرعون أخَسّ خَلْقِه في وقته ؛ إذ لم يقل أحد : ما علمتُ لكم من إله غيري، فأرسل أخصَّ عباده إلى أخسّ عباده. ثم إن فرعون سعى في قتل موسى، واستعان على ذلك بخَيْله ورَجْله، ولكن كما قال تعالى :﴿وما كيد الكافرين إلا في ضلال﴾، وإذا حَفَرَ أحدٌ لِوَليِّ الله حُفرةً، ما وقع فيها غيرُ حافِرها، كذلك أجرى الحقُّ سُنَّتَه. هـ.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٠١
يقول الحق جلّ جلاله :﴿وقال رجلٌ مؤمن﴾، قيل : كان قبطياً، ابن عَم لفرعون، آمن بموسى سرّاً، وقيل : كان إسرائيليّاً موحّداً، وهو المراد بقوله :﴿وَجَآءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى﴾ [يس : ٢٠]، قال ابن عباس : اسمه حزقيل. وقال ابن إسحاق : جَبرل، وقيل :
٣٠٣


الصفحة التالية
Icon