ثم سلاّه بمَن قبله، فقال :﴿ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك﴾ فأُوذوا وصبروا حتى جاءهم نصرنا، ﴿منهم مَن قَصصْنا عليك﴾ في القرآن، ﴿ومنهم مَن لم نقصصْ عليك﴾، قيل : عدد الأنبياء ـ عليهم السلام ـ مائة ألف وأربعمائة وعشرون ألفاً، والمذكور قصصهم في القرآن أفراد معدودة. قال الطيبي : والصحيح ما روينا عن أحمد بن حنبل، عن أبي ذر، قلت : يا رسول الله، كم عدد الأنبياء ؟ قال :" مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً، الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جمّاً غفيراً " هـ. وقد تكلم في الحديث بالضعف والصحة والوضع، وقيل : عدتهم ثمانية آلاف، أربعة آلاف نبيّ من بني إسرائيل، وأربعة آلاف من سائر الناس. وعن عليّ كرّم الله وجهه :" إنه الله تعالى بعث نبيّاً أسود، فهو ممن لم تُذكر قصته في القرآن ". فقوله تعالى :﴿ومنهم مَن لم نقصص عليك﴾ أي : في القرآن، فلا ينافي إخباره بمطلق العدد على ما في حديث أبي ذر.
﴿وما كان﴾ أي : ما صحّ، ولما استقام ﴿لرسولٍ﴾ منهم ﴿أن يأتيَ بآيةٍ﴾ مما اقترح عليه قومه، ﴿إِلا بإذن الله﴾. فإنَّ المعجزات على تشعُّب فنونها، عطايا من الله تعالى، قسمها بينهم على حسب المشيئة، المبنية على الحِكَم البالغة، وهذا جواب اقتراح قريش على رسول الله الآيات ؛ عناداً، يعني إنَّا قد أرسلنا كثيراً من الرسل، وما استقام لأحد منهم أن يأتي بآية ﴿إِلا بإذن الله﴾ ومشيئته، فمَن لي بأن آتي بآية مما تقترحونه إِلاَّ أن يشاء الله، ويأذن في الإتيان بها ؟ ﴿فإذا جاء أمرُ الله﴾ بهلاكهم، أو : بقيام الساعة، ﴿قُضي بالحقِ﴾ أي : بإنجاء المُحق وإثابته، وإهلاك المبطل وتعذيبه، ﴿وخَسِرَ هنالك المبطلون﴾ أي : المعاندون المقترحون للآيات، أو : المتمسكون بالباطل، فيدخل المقترحون المعاندون دخولاً أولياً.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٢٤


الصفحة التالية
Icon